أقدم رسم يدوي ملون لمكة المكرمة ، وتعود قصة هذا الرسم اللافت إلى عام 957 هجريا 1550م، عندما قام العالم الإسلامي محيي الدين الكلشي بمحاولة لرسم الحرم المكي الشريف أثناء رحلته لأداء مناسك الحج والعمرة وزيارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ضمنها كتابه المخطوط النادر «فتوح الحرمين الشريفين» باللغة الفارسية، الذي وصف فيه رحلته إلى مكة المكرمة، وظهر رسم الكلشي الذي يعد من أقدم المنمنمات الإسلامية أنيقا وبألوان زاهية ومتناسبة استخدم فيها المسطرة والمنقلة وغلب عليها اللون الأصفر بجوار ألوان الأحمر والأزرق والبني بدرجاتها، وكتب على بعض المواقع الواضحة في الحرم الشريف اسمه، مثل الأبواب التسعة عشر في ذلك الوقت. واللوحة المرسومة تعد وثيقة تاريخية مهمة تنقل ما كان عليه الحرم قبل ما يقارب خمسة قرون للباحثين في تاريخ الحرم الشريف، ومصدرا لكثير من المعلومات المعمارية والفنية والهندسية للحرم الشريف.
وتظهر اللوحة وكأنها لمهندس معماري حاذق أو لفنان تشكيلي ماهر، فهي تقبل الرأي بأنها لوحة فنية أو رسم هندسي، فقد حرص الشيخ محيي الدين الكلشي مؤلف كتاب «فتوح الحرمين الشريفين» على تلوين المواقع واستخدام الخطوط المستقيمة والدوائر بخطوط غير متعرجة في مبنى الحرم الشريف، كما اهتم بإضافة أسماء لمواقع عدة في الصورة بلغة الكتاب الفارسية، وظهرت الكعبة المشرفة تتوسط اللوحة المرسومة ويظهر تحتها بابها «المعجن»، وظهر إلى اليمين حجر إسماعيل وميزاب الكعبة وحولها دائرة المطاف والقناديل التي تعلق بها، وأظهر الرسم المنبر ومقام إبراهيم وخمس منائر والأبواب الرئيسة للحرم الشريف، وظهرت ألوان الرسم محتفظة بنصاعتها ووضوحها مما يعبر عن جودة مادة الألوان المستخدمة
اترك تعليقًا