لماذا قام الإحتلال الفرنسي بمصادرة الأوقاف الإسلامية مباشرة بعد دخوله للجزائر

- رحلة الى الجزائر في 1831 و 1832، أو وصف لمدينة الجزائر العاصمة وضواحيها المباشرة، وخاصة القبائل الذين يعيشون هناك
ما لا يعرفه الكثير من العرب و أبناء الجزائر العزيزة ،أننا كنا أمة متعلمة ولم نكن أهل جاهلية و همجية محرومة من العقل، والمعرفة ،كما روّجت الدّوائر الاستعمارية في أوساط الأجيال الصاعدة.
وكانت نسبة المتعلمين في الجزائر تفوق نسبة المتعلمين في فرنسا، فقد كتب الرحالة الألماني فيلهلم هيمبرا حين زار الجزائر في شهر ديسمبر سنة 1831 م، يقول: لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب
وقد لعبت الأوقاف الإسلامية دور مهم في التعليم في تلك الفترة حيث كان يعتمد اعتمادًا كبيرًا على مردودها في تأدية رسالته، وكانت هذه الأملاك قد وقفها أصحابها للخدمات الخيرية، وخاصة المشاريع التربوية كالمدارس والمساجد والزوايا
وكان الاحتلال الذي هو جزء من الحرب الصليبية ضد الإسلام و المسلمين ، يدرك بأن التعليم ليس أداة تجديد خُلقي فحسب، بل هو أداة سلطة وسلطان ووسيلة نفوذ وسيطرة، وأنه لا بقاء له إلا بالسيطرة عليه، فوضع يده على الأوقاف، قاطعًا بذلك شرايين الحياة الثقافية و ذلك كما جاء في تقرير اللجنة الاستطلاعية التي بعث بها ملك فرنسا إلى الجزائر يوم 7/7/1833م ما يلي: ضممنا إلى أملاك الدولة سائر العقارات التي كانت من أملاك الأوقاف، واستولينا على أملاك طبقة من السكان، كنا تعهدنا برعايتها وحمايتها… لقد انتهكنا حرمات المعاهد الدينية ونبشنا القبور، واقتحمنا المنازل التي لها حُرْمَتها عند المسلمين
إن هذه الحرب الصليبية التي شنها الاحتلال على الدين الإسلامي واللغة العربية، جعلت التعليم في الجزائر يصل إلى أدنى مستوى له، فحتى سنة 1901 أي بعد حوالي 70 سنة من الاحتلال كانت نسبة المتعلمين من الأهالي لا تتعدى 3.8%، فكادت الجزائر أن تتجه نحو الفرنسة والتغريب أكثر من اتجاهها نحو العروبة والإسلام كما اخترقت في هذه الفترة البدع و الضلالات و الخرافات في الدين
المصدر
الجزائر في مؤلفات الرحّالين الألمان (1830-1855)، للأكاديمي الجزائري دودو أبو العيد
اترك تعليقًا