سعت المؤسسة الإدارية الإسلامية لتقديم كل ما يلزمه من طعام وشراب وسكنى اللمسافرين والغرباء، فكانت الخانات والفنادق من قبيل المصالح المرسلة التي ابتكرتها الشريعة الإسلامية، وتطبيقًا رائعًا تميزت به الحضارة الإسلامية على مدار تاريخها الطويل.
وقد انتشرت الخانات على طول الطرق التجارية بين المدن الإسلامية، وكان أكثر رُوَّادها من التجار وطلبة العلم، فكانت هذه الدور تُقَدِّم الضيافة من الطعام والشراب مجانًا للفقراء والمساكين وأبناء السبيل، ومن ثَمَّ أُطلق على الخانات التي ظهرت وكانت تُقَدِّم الطعام مجانًا دار الضيافة
وقد ظهرت الخانات في الدولة الإسلامية منذ فترة مبكرة في عصر الدولة الأموية في أواخر القرن الأول من الهجرةِ”، ومِن أقدم المصادر التاريخية التي ذكرت الخانات واهتمام ولاة المسلمين ببنائها، نجد ابن سعد ت230هـ/844م في “الطبقات الكبرى”، فقال: ـ كتب عمر بن عبد العزيز أن تُعمل الخانات بطريق خراسان
وقد كان وجود الخانات ضروريًا نتيجة للمساحة الهائلة للدولة الإسلامية من بلاد ما وراء النهر شرقًا إلى المغرب والأندلس غربًا، ومن بلاد الروم شمالاً إلى بلاد النوبة والسودان جنوبًا وغربًا، وهو ما أدى إلى التمازج بين أبناء هذه الدولة، وازدهار حركة العلم وطلبه، والتجارة والمعاملات الاقتصادية، فكانت الخانات تيسيرًا على هؤلاء من عناء السفر.
إن وجود الفنادق والخانات منذ فترة مبكرة من تاريخ الحضارة الإسلامية، ليدلل على أهمية البعد الاجتماعي الذي راعته هذه الحضارة في كل تطبيقاتها المادية والمعنوية، بل أضافت هذه الحضارة بُعْدًا تكافليًّا آخر لم تعرفه أي حضارة أخرى؛ حيث جعلت كثيرًا من هذه الفنادق والنُّزُل متاحة بصورة مجانية لجميع الأطياف المجتمعية والإنسانية، فيمكث فيها الإنسان ما شاء الله له أن يمكث، دون أن يُعَكِّر عليه أحدٌ صفو حياته، أو يُنَغِّص عليه مهمته؛ سواء كان تاجرًا، أم طالبًا، أم مسافرًا… ولا ريب أن هذه الصورة الباهرة من تاريخ الحضارة الإسلامية، لمما يؤكد لدينا المرة تلو الأخرى عِظَم العطاء الإنساني الذي قَدَّمَته هذه الحضارة الخالدة
المصادر
الفنادق والخانات في الحضارة الإسلامية أ.د. راغب السرجاني موقع قصة الاسلام
نُشر في مجلة الوعي الإسلامي – عدد مجرم 1436هـ/نوفمبر 2014م
اترك تعليقًا