آداب الحرب في الإسلام

أرسى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أثناء حياته قوانين لتقليل مدي الخراب الذي يلحق بالأشخاص والممتلكات ، أهم هذه القوانين ذكرها أبو بكر، وذلك في شكل عشر قواعد للجيش الإسلامي
لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا
ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة
ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة
وسوف تمرون على قوم فرَّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرَّغوا أنفسهم له
هذه القوانين لتنظيم الحرب جائت قبل حوالي ألف سنة من أول كتاب في ” قانون الحرب والسلام “الذي ألفه الهولندي هوجو جروشيوس عام 1625م
أما في ما يخص معاملة أسري الحرب ،ففي الوقت الذي كانت الدول والممالك من حول دولة الإسلام تقتل الأسير أو تستعبده أو تهينه، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة في معاملة الأسرى في المواطن كلها، ففي غزوة بدر أنكر على بعض الصحابة عندما ضربوا غلامين من قريش وقعا أسيرين، وبعد أن نصر الله المسلمين في غزوة بدر وقع في الأسر سبعون من قريش، عاملهم الرسول صلى الله عليه وسلم معاملة طيبة، وأمر أصحابه بحسن معاملتهم
لقد وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة تحث على معاملة الأسرى معاملة حسنة تليق به كإنسان، يقول الله تعالى
يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم
سورة الأنفال
فإذا كان المولى سبحانه يعد الأسرى الذين في قلوبهم خير بالعفو والمغفرة، فإن المسلمين لا يملكون بعد هذا إلا معاملتهم بأقصى درجة ممكنة من الرحمة والإنسانية
لقد قرر الإسلام بسماحته أنه يجب على المسلمين إطعام الأسير وعدم تجويعه، وأن يكون الطعام مماثلاً في الجودة والكمية لطعام المسلمين، أو أفضل منه إذا كان ذلك ممكناً، استجابة لأمر الله تعالى في قوله في سورة الإنسان
ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً
سورة الإنسان
ويروى أنه صلى اله عليه وسلم أطعم بعض الأسرى ورواهم بيده الكريمة، ويقول أبو عزيز بن عمير، وكان أحد أسرى بدر حول معاملته: “كنت في رهط الأنصار حين أقبلوا من بدر، فكانوا قدّموا غذاءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، فما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها فأستحي فأردها على أحدهم فيردها عليّ وما يمسكها
كما قرر الإسلام بسماحته وعدله ورحمته أنه يجب معاملة الأسير بالحسنى وعدم إهانته أو إذلاله، روى الطبراني عن أبي عزيز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“استوصوا بالأسارى خيراً”،
ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرى يهود بني قريضة موقوفين في العراء في ظهيرة يوم قائظ، قال مخاطباً المسلمين المكلفين بحراستهم
“لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السلاح، قَيّلوهم حتى يبردوا”
ومن هذا المنطلق لا يجوز تعذيب الأسير لأجل الحصول على معلومات عسكرية عن جيش العدو، فقد سئل مالك رحمه الله: “أيُعذّب الأسير إن رجي أن يدل على عورة العدو؟
“فقال: ما سمعت بذلك
إنها سماحة الإسلام ورحمته التي لم يبلغها القانون الدولي الإنساني المعاصر، وأخص بذلك معاهدات جنيف 1929م، 1949م ولاهاي لحقوق الإنسان، وحقوق أسرى الحروب
ومن الواجبات التي قررها الإسلام كسوة الأسير كسوة لائقة به تقيه حر الصيف وبرد الشتاء، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه لما كان يوم بدر أتي بالأسارى، وأتي بالعباس ولم يكن عيه ثوب، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد قميص عبد الله بن أبي بن الحارث يقدر عليه فكساه إياه، كما ورد انه عليه السلام كسا بعض الأسارى من ملابسه
ومن الحقوق التي قررها الإسلام للأسير حقه في ممارسة شعائر دينه خلال فترة أسره
الأمـر الثاني: عند استقراء أحكام الأسرى التي وقعت في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، والسرايا التي قام بها أصحابه نجد أن مصير الأسرى حدد في أمرين، أحدهما العفو والمن، والآخر الفداء
وأكدت الدكتورة آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر أن الإسلام بنصوصه القطعية في القرآن والسنة، وبتطبيقاته الفعلية والتقريرية من الرسول صلى الله عليه وسلم تعطي العالم أجمع دروساً حضارية في معاملة الأسرى، سبقت بها المعاهدات الدولية المنوطة بحماية حقوق الأسرى بأربعة عشر قرنا، مؤكدة أن الإسلام جاء رحمة للعالمين ولنشر قيم التسامح إلى يوم الدين
المصدر
الإسلام أول من حافظ على حقوق وسلامة الأسيرأحمد مراد صحيفة الاتحاد
حقوق الأسرى في الإسلام د. صالح بن عبدالله الشثري موقع الإسلام اليوم
اترك تعليقًا