درس كمال الدين الفارسي المتوفي عام 719 هـ/1319م “كتاب المناظر” لابن الهيثم وتعمّق في مفاهيمه، فجاء مؤلفه “تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر” مكمّلا لما كتبه ابن الهيثم. والواقع أن محتوى هذا الكتاب يتجاوز دور الشرح والمراجعة إذ ذهب إلى حدّ إثبات أن البعض مما أقرّه ابن الهيثم من نظريات في البصريات خاطئة مقدّمًا نظريات بديلة. ذلك أن الفارسي كان من مؤيدي ما يسمى اليوم بالنظرية الموجية للضوء، خلافا لابن الهيثم، وهو يقول بهذا الصدد إن حركة الضوء شبيهة بحركة الصوت وليست شبيهة بحركة الأجسام
لاحظ الفارسي أنه لا يوجد فاصل بين لون ولون في طيف الألوان وأنه يمكن اعتبار عدد الألوان غير منته، ذلك أنه يرى بأن الضوء يتلوّن بالانعكاس والانكسار، وبالتالي فإن التغيّرات التي تطرأ على الضوء هي العنصر الوحيد المشترك في عالم الألوان وهو ما عبّر عنه بعد ذلك العصر بطول (سعة) الموجة
ومن ابداعات الفارسي منسوبة إلى إسحاق نيوتن لتوضيح بعض مظاهر الخداع البصري (مايسمى بقرص نيوتن للألوان ) حيث أن عالمنا الفاضل قد أجرى في ذلك التجربة التالية: صبغ وجه حجر الطاحون بعدة ألوان مختلفة وأدارها بسرعة، فوجد أنه لا يظهر سوى لون واحد لتمازجها
كما أعطى الفارسي تفسيرًا رياضيًا مُرضيًا حول ظاهرة قوس قزح، وتفسيره لطبيعة الألوان فأصلح بذلك نظرية ابن الهيثم
المصدر
Megri K. : Les premiers pas d’une conception moderne de l’hypothèse ondulatoire dans l’œuvre optique de Kamal al-Din al-Farisi, 6éme Colloque Maghrébin sur l’Histoire des Mathématiques Arabes, Ecole Normale Supérieure de Kouba, Alger, 20-22 November 2000
من أعلام الحضارة العربية والإسلامية مصطفى نظيف (1893-1971)المعجب بابن الهيثم
بقلم : أ. د. أبو بكر خالد سعد الله
اترك تعليقًا