Archive for the ‘قصص من الحضارة الاسلامية’ Category

قصة سلطان سليم الاول مع الأقليات غير المسلمة   Leave a comment

علم السلطان سليم الأول المتوفي926 هـ 1520م ، أحد كبارسلاطين الدولة العثمانية أن الأقليات غير المسلمة الموجودة في اسطنبول من الأرمن والروم واليهود بدأت تتسبب في بعض المشاكل للدولة العثمانية، وفي إثارة بعض القلاقل فغضب لذلك غضباً شديداً، وأعطى قراره بأن على هذه الأقليات غير المسلمة اعتناق الدين الإسلامي، ومن يرفض ذلك ضرب عنقه.

وبلغ هذا الخبر مفتي الدولة الشيخ عليّاً أفندي، وكان من كبار علماء عصره، فساءه ذلك جداً، لأن إكراه غير المسلمين على اعتناق الإسلام يخالف تعاليم الإسلام، الذي يرفع شعار {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}سورة البقرة. ولا يجوز أن يخالف أحد هذه القاعدة الشرعية، وإن كان السلطان نفسه. ولكن من يستطيع أن يقف أمام هذا السلطان، الذي يرتجف أمامه الجميع؟ من يستطيع أن يقف أمام هذا السلطان، ذي الطبع الحاد فيبلّغه بأن ما يفعله ليس صحيحاً، وأنه لا يوافق الدين الإسلامي؟. ليس من أحد سواه يستطيع ذلك، فهو الذي يشغل منصب المفتي في الدولة العثمانية، وعليه تقع مهمة إزالة هذا المنكر الذي يوشك أن يقع.

لبس جبته وتوجه إلى قصر السلطان، واستأذن في الدخول عليه، فأذن له فقال للسلطان: سمعت أيها السلطان أنك تريد أن تكره جميع الأقليات غير المسلمة على اعتناق الدين الإسلامي. وكان السلطان لا يزال محتداً فقال: أجل إن ما سمعته صحيح، وماذا في ذلك؟.

لم يكن المفتي من الذين يترددون عن قول الحق فقال: أيها السلطان إن هذا مخالف للشرع، إذ لا إكراه في الدين، ثم إن جدكم محمداً الفاتح عندما فتح مدينة اسطنبول اتبع الشرع الإسلامي فلم يكره أحداً على اعتناق الإسلام، بل أعطى للجميع حرية العقيدة، فعليك باتباع الشرع الحنيف، واتباع عهد جدكم محمد الفاتح. فقال السلطان وحدته تتصاعد: يا علي أفندي: لقد بدأت تتدخل في أمور الدولة، ألا تخبرني إلى متى سينتهي تدخلك هذا؟. فرد المفتي: إنني أيها السلطان أقوم بوظيفتي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس لي من غرض آخر وإذا لم ينته أجلي، فلن يستطيع أحد أن يسلبني روحي. فقال السلطان:
دع هذه الأمور لي يا شيخ. فقال المفتي: كلا أيها السلطان، إن من واجبي أن أرعى شؤون آخرتك أيضاً، وأن أجنبك كل ما يفسد حياتك الأخروية، وإن اضطررت إلى سلوك طريق آخر. قال السلطان: وماذا تعني؟.
فقال المفتي: سأضطر إلى إصدار فتوى بخلعك أيها السلطان، بسبب مخالفتك للشرع الحنيف إن أقدمت على هذا الأمر.
فأذعن السلطان سليم لرغبة المفتي، فقد كان يحترم العلماء ويجلهم، وبقيت الأقليات غير المسلمة حرة في عقائدها وفي عباداتها، ولم يمد أحد أصبع سوء إليهم.
فمن من علماء المسلمين اليوم سيخلع حاكمه الذي لا يحكم بما أنزل الله ؟ .
وما هي المخالفة الشرعية إن لم يفعل العالم مثل فعل شيخ الخلافة العثمانية ؟ .
ولا ننسى أن سليم الأول كان أكثر قوة واستطاعة البطش بالعالم الجليل لكن الله زرع في وجه العلم مهابة قد نزعها من وجوه هؤلاء في زماننا .

المصدر: كتاب صفحات مشرقة من تاريخ الأمة – الشيخ/ ناصر بن محمد الأحمد

رسالة نادرة وعجيبة عن مريض فرنسي   Leave a comment

الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى

عندما علم المسلمون أن تحصيل العلوم الكونية عبادة، وان تطبيقها في حياتهم واجب شرعي عمرو الكون بنواميس لله في الخلق واستخدموا الدواء في العلاج، ونبذوا الخرافات والأحجبة والتمائم وبنو المدارس والمستشفيات والمراصد وهذه رسالة (1) من مريض فرنسي عثر عليها أحد الباحثين والمؤرخين الفرنسيين عمرها حوالي عشرة قرون، كان قد بعثها أحد المرضى الفرنسيين من المستشفى الاسلامي الذي يعالج فيه في قرطبة إلى والده في باريس يصف فيها حالته الصحية .

:ووضع المستشفى الاسلامي وهذا نص الرسالة مترجمة عن أصلها

:والدي العزيز

لقد ذكرت في رسالتك بأنك سوف تبعث لي بعض النقود كي أستعين بها في علاجي، أقول بأني لا أحتاج إلى النقود مطلقاً، لأن المعالجة في هذا المستشفى الاسلامي مجانية

وهناك موضوع آخر، وهو أن إدارة المستشفى تدفع إلى كل مريض تماثل للشفاء مبلغ خمس دنانير، وبدله جديدة حين يغادر المستشفى كي لا يضطر إلى العمل في فترة والإستراحة.

:والدي العزيز

لو تفضلت وجئت لزيارتي فسوف تجدني في قسم الجراحة ومعالجة المفاصل وعند دخولك من الباب الرئيسي توجه نحو الصالون الجنوبي، حيث يواجهك قسم الاسعافات الأولية ومركز تشخيص الأمراض ثم قسم المفاصل، وسوف تشاهد جنب غرفتي مكتبة وصالون للمطالعة والمحاضرات حيث يجتمع الأطباء فيه يومياَ للاستماع إلى محاضرات الأساتذة

أما قسم الأمراض النسائية فيقع في الجانب الثاني من ساحة المستشفى ولا يُسمح للرجال أن يدخلوا إليه، وفي الجهة اليمنى من الساحة تجد صالوناَ كبيراً مخصصاً للمرضى الذين تماثلوا للشفاء حيث يقضون في فترة النقاهة والاستراحة بعض الأيام ويحتوي الصالون المذكور على مكتبة خاصة وبعض الآلآت الموسيقة

:والدي العزيز

إن أي نقطة وأي مكان من هذا المستشفى في غاية النظافة. فالفراش والوسادة التي تنام عليها مغلفة بقماش دمشقي أبيض، أما الأغطية فمصنوعة من المخمل الناعم اللطيف. وجميع غرف المتسشفى مزودة بالماء النقي الذي يصل إليها بواسطة أنابيب خاصة متصلة بمنبع ماء كبير، وفي كل غرفة مدفأة لأيام الشتاء، أم الطعام فهو من لحم الدجاج والخضرة، حتى أن بعض المرضى لا يحبون مغادرة المستشفى طمعاً بالطعام اللذيذ

هذا اخوة الاسلام صورة واقعية عن الحالة الصحية قبل ألف سنة بشهادة شاهد منهم

ويشير المستشرق الفرنسي غوستاف لوبون أن أفضل وأرقى المستشفيات التي أنشأت على أرضها العربية هي تلك التي أقيمت في الأندلس، وأن المستشفيات التي أنشأها المسلمون في اشبيلية وطليطلة ومورسيا وغرناطة وقرطبة التي كانت تحتوي في القرن العاشر الميلادي مليون مواطن، 200 الف دار، 300 جامع و50 مستشفى، ومكتبة تحتوي .على 250 الف كتاب وهذا يدل على ازدهار الثقافة وشيوعها بين أهله

وهذه صورة واقعية للحالة الصحية في فرنسا قبل (250) سنة فقط

فقد ذكر الدكتور ” ماكس ثراد ” الذي كان طبيباً في إحدى مستشفيات فرنسا باريس سنة (1730م ) وهو يصف فيها وضع المستشفى الفرنسي الذي كان يعمل به قائلا

كانت ارضيتها مرصوفة بالطابوق، وقد فرشت بالحشائش اليابسة، حيث كان المرضى يرقودون عليها الواحد جنب الآخر بشكل معكوس، ولم يكن هناك نظام أو أصول

فالاطفال ينامون بين الشيوخ، والنساء بين الرجال، وكانوا يلتصقون ببعض من كثرة المرضى وضيق الردهات، وكان صوت صراخهم من ا لألم فقد كانون يشكون من الجوع، إذ لم يكن في المستشفى المذكور (الفرنسي) من الطعام ما يكفي لاطعامهم لذلك كان بعض الناس من أهل الخير يتبرعون بإطعام المرضى في سبيل الله .

وكان المستشفى (الفرنسي) المذكور قذراً مملوءً بالذباب والحشرات، تنبعث من أروقته روائح كريهة حتى أنه كان يتعذر على طبيب المستشفى أن يدخل إلى قاعة المرضى من شدة الروائح النتنة، لذلك كان يحمل معها اسفنجة مرطبة بالخل يضعها عند انفه بين الحين والآخر، وكانت جثث الموتى تظل في مكانها حوالي 24 ساعة فتتعفن بين بقية المرضى الأحياء (2) .
هذا حال مستشفياتهم منذ 300 سنة وحال مستشفيات المسلمين منذ ألف سنة المستشفى الاسلامي يضارع أفخم مستشفى عالمي اليوم، والمستشفى الفرنسي مقبرة مؤقتة .

لقد اضطررت إلى سرد هذه القصة في إحدى المجالس في البحرين عندما تكرر القول أن التاريخ الاسلامي كان كله تخلف وقتل وهمجية وظلم فقلت أين المسشفيات ؟
وأين المدارس الاسلامية ؟.

وأين الأوقاف الاسلامية ؟

كان هناك وقف السكر لتوزيع السكر على اليتامى في الأعياد والأفراح

وكان هناك وقف للمرفهين عن المرضى وقد الف الدكتور أحمد عيسى بك رحمه الله كتاباً رائعاً عن تاريخ البيمارستانات في الإسلام بين فيه عظمة المستشفيات الاسلامية التي رعاها الحكام والمحكومين وهذه جامعات الأزهرة والزيتونة والقرويين والمسجد الأموي وغرناطة وإسبانيا شاهدة على قوة الحضارة الإسلامية

فما بالنا الآن نرى هذا التردي العلمي الإهمال في كل مكان .

لو وضعنا هذه الرسالة نصب أعيننا ونشرناها في كل مكان لنقول هكذا كنا وكانوا فكيف اصبحوا وكيف اصبحنا

الأمر مهم وخطير وعلى كل منا أن يفكر كيف تخرج من هذا المأزق التخلفي الخطير

المصادر

(1) التفوق العلمي في الإسلام أمير جعفر الأرشدي، بيروت مؤسسة الرسالة (1990) (ص 52)

(2) قرهنك اسلام أوربا فارس ترجمه إلى العربية مرتضى رهباني

   عن- موسوعة الاعجاز العلمي

اﻟﺮﱢقﱡ ﰲ العالم الإسلامي   Leave a comment

وضعية الرق في العالم الاسلامي كما وصفها غوستاف لوبون في كتاب حضارة العرب
ﺗﺜيرﻛﻠﻤﺔ “اﻟﺮﱢق” ﰲ ﻧﻔﺲ اﻷورﺑﻲ ،اﻟﻘﺎرئ ﻟﻠﻘﺼﺺ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛين ﺳﻨﺔ ﺻﻮرة أﻧﺎس ﻳﺎﺋﺴين مُقرّنين في الاصفاد مقودين بالسياط ، ردﻳﺌﻲ اﻟﻐﺬاء، ﻣﻘﻴﻤين ﺑﻤﻈﻠﻢ المحابس
وﻻ أﺑﺤﺚ ﻫﻨﺎ ﰲ ﺻﺤﺔ ﺻﻮرة اﻟﺮق ﻫﺬه ﻋﻨﺪ اﻷﻧﻐﻠﻮ أﻣﺮﻳﻜﻴين ﻣﻨﺬ ﺑﻀﻊ ﺳﻨين، ِوﻻ ﰲﺻﺤﺔ ﺗﻔﻜير ﺻﺎﺣﺐ رقيقٍ ﰲإﻳﺬاء ﻣﺎلٍ غالٍ رﻗﻴﻖ ﻛﺎﻟﺰﻧﺠﻲ واﻟﻘﻀﺎءﻋﻠﻴﻪ، وإﻧﻤﺎ اﻟﺬي أراه صدقًا هو أن الرق عند المسلمين غيرُه ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺼﺎرى ﻓﻴﻤﺎ مﴣ، وأن ﺣﺎل اﻷرﻗﺎء ﰲ اﻟﴩق أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺣﺎل اﻟﺨﺪم ﰲ أورﺑﺔ، ﻓﺎﻷرﻗﺎء ﰲ اﻟﴩق ﻳﺆﻟﱢﻔﻮن ﺟﺰءًًا ﻣﻦ اﻷسر،وﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺰواج ﺑﺒﻨﺎت ﺳﺎدﺗﻬﻢ أﺣﻴﺎنا كما رأينا سابقا، ويقدرون ان يَتَسَنّموا أعلى الرتب، و في الشرق لا يرون في الرق عاراً ،و الرقيق فيه أكثر صلة بسيده من صلة الاجير في بلادنا.
قال مسيو أبو”لا يكاد المسلمون ينظرون الى الرق بين الاحتقار، فامهات سلاطين أل عثمان، وهم زعماء الاسلام المحترمون،من الإماء، و لا يرون في ذلك ما يحط من قدرهم، وكنت أسرالمماللك الذين ملكوا مصرزمنا طويلا تلجأ، لِتَدُوم، الى اشتراء صغارالموالي من القفقاش وتتبناهم في سن البلوغ، وليس من القليل ان يُرَبي أمير مصري أحد صغارالارقاء، و يعلمه و يدربه،و يزوجه إبنته،ويفوض إليه إدارة شؤونه،وترى في القاهرة أكابر من الوزراء و القادة و القضاة إشتُري. الواحد منهم في شبايه بما لا يزيد على ألف و خمسمائة فرنك”

و اعترف جميع السياح الذين درسوا الرق في الشرق درساً جديًا بان الضجة المُغرضة التي أحدشها حوله بعض الأوربيين لا تقوم على أساس صحيح، و أحسن دليل يقال تأييدًا لهذا هو أن الموالي الذين يرغبون في التحرر بمصر ينالونه بإبداء رغبتهم فيه أمام أحد القضاة،وأنهم لا يلجأون الى حقهم هذا، قال مسيو إيبر مشيرا الى ذلك:” يجب عَدُ الرقيق في بلاد الاسلام مبخوتا على قدر الامكان.”

ومن السهل أن أكثر من إقتباس الشواهد على صحة ذلك، و لكننيأكتفي بذكر الأثر الذى أوجبه الرق في الشرق في نفوس المؤلفين الذين أتيح لهم درسه في مصر حديثا، قال مسيو شارم”يَبدو الرق في مصر أمرا لينا هينل نافعا منتجا، و يعد الغاؤه فيها مصيبة حقيقية، ففي اليوم الذين لا يستطيع وحوش إفرقية الوسطى أن يبيعوغ فيه أسرى الحرب، و لا يَرَون فيه إطعامهم، لا يُحجِمون عن أكلهم، فالرق، و إن كان لطخة جبين الانسانية،أفضل من قتل الاسرى و اكل لحومهم اذا ما نظر اليه من وجهة نظر هؤلاء الاسرى، و ذلك على الرغم من رأي محبي الإنسانية من الإنكليز الذين يقولون :إنه أجدر بكرامة الزنوج أن ياكلهم أمثالهم من أن يسودهم أجنبي”

و قال مدير مدرسة اللغات في القاهرة مسيو دو فوجانى: ترى الارقاء الذين يستفيدون من الحرية الممنوحة لهم قليلين الى الغاية مع أن هذه الحرية تسمج لهم بأن يعيشوا كما يشاءون من غير إزعاج ،فالارقاء يفضلون حال الرق السالم من الجور على حال القلق الذي يكون مصدر آلام و متاعب لهم في الغالب .

و ترى الارقاء في مصر أحسن حالل مما كانوا عليه قبل إاسترقاقهم بدلا من ان يكونوا من البائسين المناكيد، وﺑﻠﻎ اﻟﻜﺜيرون ﻣﻨﻬﻢ، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺒﻴﺾ، أرﻗﻰ المناﺻﺐ في مصر ُ،و يعد ابن الأمة في مصر مساويا لابن الزوجة في الحقوق، و اذا كان ابن الامة هذا بكر أبيه تمتع بكل ماتمنحه البكرية من الامتيازات، ولم تكن من غير الارقاء زمرة المماليك التي مكت مصر زمنا طولا،وفي أسواق النخاس إشتري علي بك وإبراهيم بك و مراد بك الجبار الذي هزم في معركة الاهرام، وليس من النادر أن ترى اليوم قائدا أو موظفا كبيرا في مصر م يكن في شبابه غير رقيق، و ليس من النادر أن ترى رجلا في مصر كان سيده المصري قد تبناه وأحسن تعليمه و زوجه إبنته”
وليست مصر القطر لوحيد اذي يعامل فيه الارقاء برفق عظيم. أي أن ماتراه في مصر ترى مثله في كل بلد خاضع الإسلام، و اسنع ماقالته السيدة اانكليزية بلنت في كتاب رحلتها في بلاد نجد ذاكرة محادثتها لعربي:
“إن مما لم يستطع أن يفهمه ذلك العربي هو وجود نفع للإنكليز في تقيد تجارة الرقيق في كل مكان،و لم قلت له إن مصلحة الانسانية إقتضت ذلك ” أاجابني “ان تجارة الرقيق لا تنطوي على جور، ومن ذا الذي رأى إيذاءزنجي؟”والحق أننا لا نزعم أننا رأينا ذلك، ومن الامور المشهورة ان الارقاء عند العرب يكونون من الابناء المدللين أكثر من ان كونوا من الاجراء.

المصدر
صفحة 386 الى 389من كتاب حضارة العرب لطبيب ومؤرخ فرنسي.غوستاف لوبون صاحب كتاب المشهور«سيكولوجية الجماهير»

قصة إنسحاب المسلمين من سمرقند بعد فتحها   Leave a comment

في خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز , رحمه الله , كان قتيبة بن مسلم الباهلي – رحمه الله – يفتح المدن والقرى ينشر دين الله في الأرض , وفتح الله على يديه مدينة سمرقند
افتتحها بدون أن يدعوَ أهلها للإسلام أو الجزية , ثم يمهلهم ثلاثاً كعادة المسلمين , ثم يبدأ القتال
فلما علم أهل سمرقند بأن هذا الأمر مخالف للإسلام كتب كهنتها رسالة إلى سلطان المسلمين في ذلك الوقت وهو عمر بن عبد العزيز عليه رحمة الله , أرسلوا بهذه الرسالة أحد أهل سمرقند يقول هذا الرسول
أخذت أتنقّل من بلد إلى بلد أشهراً حتى وصلت إلى دمشق دار الخلافة فلما وصلت أخذت أتنقل في أحيائها وأُحدِّث نفسي بأن أسأل عن دار السلطان , فأخذت على نفسي إن نطقت باسم السلطان أن أؤخذ أخذاً فلما رأيت أعظم بناءٍ في المدينة , دخلت إليه وإذا أناس يدخلون ويخرجون ويركعون ويسجدون , وإذا بحلقات هذا البناء , فقلت لأحدهم أهذه دار الوالي؟
قال: لا , بل هذا هو المسجد.
قال: صليت؟ قال: قلت: وما صليت؟ , قال: وما دينك؟
قال: على دين أهل سمرقند , فجعل يحدثني عن الإسلام حتى اعتنقته وشهدت بالشهادتين ,ثم قلت له: أنا رجل غريب أريد السلطان دلّني عليه يرحمك الله؟
قال أتعني أمير المؤمنين؟ قلت: نعم
قال: اسلك ذلك الطريق حتى تصل إلى تلك الدار وأشار إلى دار من طين
فقلت: أتهزأ بي؟
قال: لا ولكن اسلك هذا الطريق فتلك دار أمير المؤمنين إن كنت تريده , قال: فذهبت واقتربت وإذا برجل يأخذ طيناً ويسدّ به ثُلمة في الدار وامرأة تناوله الطين , قال: فرجعت إلى الذي دلّني وقلت: أسألك عن دار أمير المؤمنين وتدلّني على طيّان! فقال: هو ذاك أمير المؤمنين
قال: فطرقت الباب وذهبت المرأة وخرج الرجل فسلّم علي ورحّب بي وغسّل يديه, وقال: ما تريد؟ قلت: هذه رسالة من كهنة سمرقند فقرأها ثم قلبها فكتب على ظهرها, ( من عبد الله عمر بن عبد العزيز إلى عامله في سمرقند أن انصب قاضياً ينظر فيما ذكروا ) , ثم ختمها وناولنيها
فانطلقت أقول: فلولا أني خشيت أن يكذبني أهل سمرقند لألقيتها في الطريق ماذا تفعل هذه الورقة وهذه الكلمات في إخراج هذه الجيوش العرمرم وذلك القائد الذي دوّخ شرق الأرض برمتها
قال: وعدت بفضل الله مسلماً كلما دخلت بلداً صليت بمسجده وأكرمني أهله , فلما وصلت إلى سمرقند وقرأ الكهنة الرسالة أظلمت عليهم الأرض وضاقت عليهم بما رحبت ، ذهبوا بها إلى عامل عمر على سمرقند فنصّب لهم القاضي جُمَيْع بن حاضر الباجي لينظر في شكواهم ,ثم اجتمعوا في يوم وسألناه دعوانا فقلنا اجتاحنا قتيبة, ولم يدعنا إلى الإسلام ويمهلنا لننظر في أمرنا فقال القاضي: لخليفة قتيبة وقد مات قتيبة – رحمه الله – :أنت ما تقول؟
قال: لقد كانت أرضهم خصبة وواسعة فخشي قتيبة إن أذنهم وأمهلهم أن يتحصنوا عليه
قال القاضي: لقد خرجنا مجاهدين في سبيل الله وما خرجنا فاتحين للأرض أشراً وبطراً , ثم قضى القاضي بإخراج المسلمين على أن يؤذنهم القائد بعد ذلك وفقاً للمبادئ الإسلامية
ما ظنّّ أهل سمرقند أنّ تلك الكلمات ستفعل فعلها ما غربت شمس ذلك اليوم ورجل من الجيش الإسلامي في أرض سمرقند , خرج الجيش كله ودعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو القتال
فلما رأى أهل سمرقند ما لا مثيل له في تاريخ البشرية من عدالة تنفذها الدولة على جيشها وقائدها , قالوا: هذه أمة حُكمُها رحمة ونعمة , فدخل أغلبهم في دين الله وفُرضت الجزية على الباقين

مصدر
البداية والنهاية لابن كثير

قصة تأسيس التقويم الهجري   Leave a comment

الهجرة النبوية

يروى في كتب السير و التاريخ أنه في السنة السابعة عشرة للهجرة كتب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري عامله على البصرة ،وذكر في كتابه شهر شعبان فرد أبو موسى الأشعري أنه يأتينا من أميرالمؤمنين كتب ليس فيها تاريخ وقد قرأنا كتاباً محله شعبان فما ندري أهوشعبان الذي نحن فيه أم الماضي. فجمع الخليفة عمر الصحابة وأخبرهم بالأمروأوضح لهم لزوم وضع تاريخ يؤرخ به المسلمون فأخذوا في البحث عن واقعة تكون مبدأ للتاريخ المقترح فذكروا ولادته صلى الله عليه وآله وسلم ومبعثه ووفاته ، لكن الإمام علي بن أبي طالب (ع) أشار بجعله يوم هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة ، فراقت الفكرة للخليفة عمر وسائر الصحابة فأرخوا بها ، ثم بحثوا موضوع الشهر الذي تبدأ به السنة واتخذوا شهر محرم بداية للسنة الهجرية مع أن الهجرة النبوية الشريفة وقعت في شهر ربيع الأول
وذلك لسببين هما

أولا شهرمحرم هو الشهر الذي استهل بعد بيعة العقبة بين وفد من أهل يثرب والنبي صلى
الله عليه وآله وسلم أثناء الحج في شهر ذي الحجة فكأن الهجرة بدأت في ذلك
الوقت فقد أذن بها صلى الله عليه وآله وسلم وكان أول هلال يهل بعد الأذن هو شهر محرم

ثانيا أن شهر محرم كان بدء السنة عند العرب قبل الإسلام ولأنه أول شهر يأتي بعد منصرف الناس من حجهم الذي هو ختام مواسم أسواقهم

أحد أهم أسباب إنهيار إمبراطورية الإسبانية   Leave a comment

طرد مورسكيون 1.png

يقول المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه “حضارة العرب الفصل الأول (ورثة العرب) صفحة 605 إلى609
لم يفكر النصارى، بعد أن استردوا غرناطة التي كانت معقل الإسلام الأخير في أوربة، في السيرعلى سنة العرب في التسامح الذي رأوه منهم عدة قرون؛ بل أخذوا يضطهدون العرب بقسوة عظيمة على الرغم من العهود، ولكنهم لم يعزموا على طردهم جميعهم إلا بعد مرور قرن،ومع ما كان يصيب العرب من الاضطهاد كان تَفَوقهم الثقافي على الإسپان عاملا في بقائهم على رأس جميع الصناعات، وكان من الصواب اتهام الإسپان إياهم بالاستيلاء على جميع المهن
وطالب الشعب بطردهم فقط، وبدا الإكلريوس (النظام الكهنوتي الخاص بالكنائس المسيحية) متطرفا فأشار بقتلهم جميعا رجال ونساءً وشيوخا وأطفالا، وسلك فليب الثاني(*) طريقًا وسطا فاكتفى بإعلان طردهم في سنة 1610م، ولكنه أمر بأن يُقتل أكثرهم قبل أن يُوفَّقوا لترك إسپانية، فقتل ثلاثة أرباعهم تقريبًا

طرد العرب.jpg

وتم َّ الجلاء والذبح، وعمّ الفرح إسپانية؛ لما ظٌُن من دخولها عهد ًا جديدا

أجل، كان العرب يُضطَهدون في جميع ذلك العهد، ولكن مع بقائهم، وكان العرب ذوي شأن فيه بما لهم من التفوق الثقافي، وكان العلماء وأرباب الصناعات والتجارمن العرب وحدهم، لا من الإسپان الذين كانوا ينظرون إلى كل مهنة شزرًا، خلا مهنة الإكلريوس (رجال الدين) ومهنة الجندية
وكانت إسپانية تشتمل، إذن على جيلين مختلفين من الآدميين عاملين بمختلف الطرق على عظمتها، أحدهما من النصارى القابضين على زمام السلطة العسكرية،والآخر من العرب القابضين على ناحية الحضارة المادية
وكان وجود هذين الجيلين أمرا ضروريٍّا، وذلك أن السلطة العسكرية إذا كانت كافيةً لإقامة دولة فإنها تعجز وحدها عن إدامتها، وأن ازدهار هذه الدولة لا يكون إلا بتوافر بعض عناصر الحضارة، وأن تماسك هذه الدولة لا يدوم طويلا إلا ببقاء هذه العناصر

طرد المسلمين.png
وهذا هو عينُ ما أصاب إسپانية بعد طرد العرب، فقد حلّ الانحطاط فيها محل العظمة ، وقد زاد انحطاطها سرعةً ما عَطِلَت من قادة عظام حربيين كالذين ظهروا في قرن واحد، وقد أضاعت كل شيء حتي خسرت سلطانها الحربي وحُرمت الحضارة معا

َ وكان من سرعة الانحطاط الذي عقب إجلاء العرب وقتلَهم ما يمكننا أن نقول معه : إن التاريخ لم يَروِ خبر أمة كالإسپان هبطت إلى دَركةٍ عميقة في وقت قصير جدًّا،فقد توارت العلوم والفنون والزراعة، والصناعة، وكل ما هو ضروري لعظمة الأمم، عن بلاد إسپانية على عجل، وقد أغلقت أبواب مصانعها الكبرى، وأُهملت زراعة أراضيها،
وصارت أريافها بلاقع، وبما أن المدن لا تزدهر بغيرصناعة ولا زراعة فقد خَلَت المدن الإسپانية من السكان على شكل سريع مخيف، وأصبح عدد سكان مدريد مئتي ألفِ بعد أن كان أربعمائة ألف، وصارت أشبيلية، التي كانت تحتوي 1600 حرفَة كافيةِ لإعاشة 130000 شخص، لا تشتمل على غري 300 حرفَة، وهذا فضلا ِّ عن خلوٌها منَ ثلاثة أرباع سكانها كما جاء في رسالة مجلس الكورتس (برلمان يسيطر عليه النبلاء) إلى الملك فليب الرابعُ ،ولم يبق ً في طليطلة سوى ثلاثة عشر مصنعا للصوف بعد أن كان فيها خمسون، وخسرتَ طليطلة جميع مصانعها الحريرية التي كان يعيش منها أربعون ألف شخص، ووقع مثل هذا في كل مكان، ولم تَُعتِّم المدن الكبيرة، كقرطبة وشقوبية ( مدينة تبعد عن مدريد حوالي 90كلم) وبُرغُش (وسط شمال إسبانيا تبعد عن مدريد حوالي 250 كلم ) ، أن أصبحت كالصحارى تقريبًا، وزال ما ظل قائما فيها من المصانع القليلة بعد تواري العرب،ٍ وكان من غياب جميع الصناعات في إسپانية أن اضطر القوم إلى جلب عمال من هولندة عندما أُريد إنشاء مصنع للصوف في شقوبية في أوائل القرن الثامن عشر
ونجم عن أفول الصناعة والزراعة في بلاد إسپانية على هذا الوجه السريع ما يشاهد فيها من البؤس العميق، ومن وقوعها في الانحطاط التام في قليل من السنين
ومصائب كتلك مما يقتل كل نشاط وحيوية بسرعة، وإمبراطوريةٌ واسعة لا تغرب الشمس عن أملاكها كتلك، كما قيل، لا بد من أن تقع في دور الهمجية المظلم علىعجل ما لم تُنقَذ بسلطان الأجنبي، ولذا اضطرت إسپانية، لتعيش بعد وهن، إلى تسليم زمام سلطتها العليا وشؤونها الإدارية وصناعتها وتجارتها إلى رؤساء من الأجانب كالفرنسيين والطلاينة والأملان … إلخ
ُ
ُ وأجمع كتَّاب العصر الذين زاروا إسپانية على الاعتراف بضعف مستوى الإسپان الثقافي، وكان هذا الضعف عميقًا عامًّا في أواخر القرن السابع عشر من الميلاد، وبدت تلك البلاد التي أضاءت العالم أيام سلطان العرب خاليةً من أية مدرسة لتعليم الفيزياء والرياضيات والطبيعيات، وصِرت لا ترى فيها كلها، حتى سنة 1776م كيماويٍّا قادراعلى صنع أبسط التراكيب الكيماوية، ولا شخص ً ا قادرا على إنشاء مركب أو سفينة شراعية، وذلك كما قال الكاتب الإسبانى كنيومانس مُؤِّكًدا

ولا مِراءَ في نجاح محاكم التفتيش المرهوبة في أعمالها، فقد أضحت جميع بلاد إسپانية لا تعرف غير كتب العبادة، ولا تعرف عملا غير الأمور الدينية، جاهلةً ما أتاه نيوتن وهارڨي وغيرهما من الاكتشافات العظيمة جهلا ٍّ تاما
ولم يسمع أطباء الإسپان شيئًا عن الدورة الدموية إلى ما بعد اكتشافها بقرن ونصف قرن، ويمكن استجلاء مستوى معارفهم بالأمر الغريب القائل: إن بعض الناس، في سنة 1760م، اقترحوا، مع التواضع، إزالة الأقذار التي كانت تملأ شوارع مدريد وتفسد هواءها، وإن رجال الصحة احتجوا على ذلك بشدة ذاكرين أن آباءهم العقلاء كانوا يعرفون ما يصنعون، وأنه يُمكن السكان أن يعيشوا مثلهم بين الأقذار، وأن رفعها ينطوي على تجربة لا يقدر أحد على كشف عواقبها

 

(*)فيليب الثالث ملك إسبانيا في الحقيقة

المصدر
غوستاف لوبون (7 مايو 1841 – 13 ديسمبر 1931) طبيب ومؤرخ فرنسي، كتب في علم الآثار وعلم الانثروبولوجيا، وعني بالحضارة الشرقية. من أشهر آثاره: حضارة العرب وحضارات الهند و”باريس 1884″ و”الحضارة المصرية” و”حضارة العرب في الأندلس” و”سر تقدم الأمم” و”روح الاجتماع” الذي كان انجازه الأول. وهو أحد أشهر فلاسفة الغرب وأحد الذين امتدحوا الأمة العربية والحضارة الإسلامية

الخطأ الطبي الذي أدى الى ظهور التخصصات الطبية   Leave a comment

9789973490544.png

يروي المقريزي من الحوادث التي كادت تودي بحياة الطبيب إبن الجزار القيرواني حادثته مع المنصور – وهو أمير تونس- حيث أصيب المنصور بالمرض نتيجة البرد و الثلوج أثناء سفره، و في طريق عودته أراد أن يدخل الحمام فنهاه طبيبه بن سليمان الإسرائيلي عن ذلك لكنه خالفه و دخل الحمام، فنتج عن ذلك فناء حرارته الغريزية و ذهبت قدرته على النوم، فبدأ الإسرائيلي بتشخيصه و علاج مرضه لكن السهر لازمه، فاشتد ذلك على المنصور و طلب طبيباً آخر فأحضروا له ابن الجزار – و هو شاب في ذلك الوقت- فجمع له ابن الجزار نباتات مخدرة ليشمها لينام، فجاءه الإسرائيلي ليدخل عليه فقيل له انه نائم فقال : ان كان قد صنع له شئ لينام به فقد مات، فتفقدوه فإذا هو قد مات بالفعل، فهموا بقتل ابن الجزار الذي صنع له المنوم لكن الإسرائيلي دافع عنه بأنه فعل ما يفعله الأطباء و انما جهل أصل المرض و تشخيصه

هذا الخطأ لم يتعامل معه الطبيب التونسي المسلم إبن الجزار القيرواني، على أنه حافز لترك الطب، بل كان هذا الخطأ هو الدافع الذي أهله لمكانة أحد أهم الأطباء في العالم حتى الآن؛ ولأن السبب في وفاة المنصور أن الجزار لم يتبين التشخيص الصحيح للمرض؛ فحسم الجزار أمره بأن الطب يجب أن ينقسم إلى تخصصات، ولا يجب على الطبيب أن يخلط بين إصابة عجوز بمرض، وإصابة طفل بنفس المرض

فطريقة العلاج يجب أن تكون مختلفة، ومن هُنا بدأت التخصصات الطبية التي اتبعها العالم بأكمله مثل طب الأطفال والذي كتب فيه الجزار «سياسة الصبيان وتدبيرهم» واختاره تخصصًا لعلمه في النهاية، وطب النساء والتوليد وغيرهما من التخصصات، وإذا كنت طبيبًا وتشعر بالغضب أنك مضطر لاختيار تخصص بعد دراستك للطب فترة طويلة، فربما عليك شكر الطبيب المسلم الجزار قبل أن تغضب منه؛ فوصوله لهذا الاكتشاف كاد أن يودي بحياته

قصة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يُقاضي نصرانيًّا   Leave a comment

إستقلالية القضاء

إستقلالية القضاء في الإسلام حقيقة ثابتة لا مرية فيها، فلا سلطان على القاضي في إصدار الأحكام إلا سلطان الشرع، ونصوص الشريعة وقواعدها العامة تمنع الحاكم أو غيره من التدخل في القضاء أو التأثير في أدائه بأي وجه من الوجوه، وقصة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يُقاضي نصرانيًّا خير دليل على ذالك

فقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- أن علي بن أبي طالب وجد درعه عند رجل نصراني، فأقبل به إلى شريح يخاصمه ثم قال: هذا الدرع درعي ولم أبعْ ولم أَهَبْ
.فقال شُريح للنصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب
فالتفت شريح إلى عليٍّ فقال: يا أمير المؤمنين، هل من بينة؟ فضحك عليٌّ وقال: أصاب شريح ، ما لي بينة
فقضى بها شريح للنصراني، قال: فأخذه النصراني ومشى خُطًى، ثم رجع، فقال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين يُدنيني إلى قاضيه يقضي عليه، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمني

هذا المبدأ، طبق قبل أن تعرفه أوربا والعالم أجمع بعد ظهور الإسلام باثني عشر قرنًا،وقد كان القضاة يُجبرون الخلفاء والأمراء وعلية القوم على المجيء إليهم إذا ثبت خَطَؤهم

قصة خيوط الجراحة   Leave a comment

fils churigie

الرازي

كان الطبيب الكبير الرازي صاحب هوايات كثيرة ومتنوعة،ومن أهم هذه الهوايات الموسيقى، فقد كان الرازي قبل احتراف مهنة الطب يعمل موسيقياً (عازف قيثارة) بأجر في الحفلات والأفراح، وبعد أن وصل الرازي الى قمة الشهرة والثروة ، وأصبح طبيب الخلفاء كان بيته في بغداد ملتقى أهل الفن والموسيقى،وفي إحدى هذه السهرات ترك أصحابه العازفون آلاتهم الموسيقية في بيته استعداداً للسهرة التالية، وكان في بيت الرازي مجموعة من القرود بعضها يجري عليه تجاربه الطبية والبعض الآخر مستأنس طليق في البيت

وفوجىء الموسيقيون في اليوم التالي بأن أحد هذه القرود قد انتزع أوتارجميع الآلات الموسيقية المصنوعة من مصارين الحيوانات وأكلها، وغضب الجميع وكادوا أن يفتكوا بالقرد المتهم

أما الرازي فقد أخذ الأمر مأخذا آخر كان له دور في إختراع عظيم

لقد وضع القرد في القفص،وأخذ يراقب (برازه) ويفحصه كل يوم فتأكد لديه أن أمعاء القرد قد هضمت
جميع أوتار القيثارة ولم ينزل منها شيء دون هضم. وفي الحال قفز ذهن الرازي الى تجربة ثانية
فأجرى للقرد جراحة في بطنه.وصنع من أحد أوتار القيثارة خيطاً خاط به المصارين والعضلات من الداخل.أما الجلد الخارجي فقد خاطه بخيط من الحرير وبعد بضعة أيام

فتح الرازي الجرح مرة أخرى، وهنا كانت لحظة حاسمة في تاريخ الجراحة. لقد هضمت أنسجة الجسم الخياطة الداخلية كلها

وبذلك صنع الرازي أول خياطة داخلية بخيوط من أمعاء الحيوان

لقد كان الجراحون قبل ذلك يتهيبون من الجراجة الداخلية، ويكتفون بعمليات البتر. ثم الكي بالنار لإيقاف النزيف الداخلي.أما الآن فقد أصبح بإمكانهم خياطة أي عضو داخلي بأمان دون الحاجة إلى فتحه من جديد لاخراج أسلاك الجراحة

هذه الخيوط ظلت مستعملة إلا أواخر القرن الرابع عشر الهجري( القرن العشرين الميلادي) وهي معروفة بخيوط أمعاء القطّ

%d مدونون معجبون بهذه: