حوالي عالم 1135 م كتب تاجر عدني إلى زميله المصري: “اشتر لي ستة أطباق مزخرفة مصنوعة في القاهرة القديمة. يجب أن تكون متوسطة الحجم لا واسعة ولا صغيرة، وعشرين زبدية نظامية وأربعين زبدية صغيرة. وجميع هذه الأواني مطلية مختلفة الألوان والأشكال.” يشهد تاريخ المنتجات الخزفية في العالم الإسلامي أثناء العصور الوسطى منذ العهد الأموي في القرن السابع وحتى العهد العثماني والصفوي في القرن السابع عشر يشهد على الإبداع المتفوق وتجربة الفخاريين المسلمين الظاهرة من خلال إبداعاتهم في الشكل والتصميم ومواصفات الغضار والمادة الزجاجية الأولية وتقنية الزخرفة. وقد اضاف الخزافون العباسيون اكسيد القصدير الى مواد الصقل الرصاصية لانهم حاولوا صنع خزف ابيض نقي كالخزف الصيني الثمين .كانت المواد الخام الطرية عندهم تختلف عن نظائرها الصينية ، لذلك أدخلوا قليلا من اكسيد القصدير ، فادى ذلك الى شفافية أكثر و الى بياض أنقى، و هدا ما كانوا يسعون اليه لم يكتفي الخزافون بذلك ،بل ابتكروا تصاميم تدخل فيها اللون الازرق المركب بالابيض. ولما صدرت هذه التصاميم الى الصين، لقية شعبية هائلة و انتشرت أكثر من الخزف الصيني الشهير . وكان الخزف الازرق الممزوج بالابيض مصدر فخر للخزافين العباسيين ويبدو أن الخزافيين العراقيين احتكروا الكوبلت في ذلك الوقت حتى ظهوره على المادة الخزفية المشوية في القرن الثاني عشر حيث جرى تصديره فيما بعد ذلك إلى خارج البلاد الإسلامية وإلى الصين في القرن الرابع عشر. وبعد ذلك بقليل وصل البورسلان الأبيض والأزرق إلى الشرق الأوسط فأوقد حماساً في الأسواق الإسلامية. في منتصف القرن الخامس عشر كان الخزّافون من مصر إلى آسية الوسطى ينتجون خزفهم الأبيض والأزرق الخاص بهم المصنوع بحسب النماذج الصينية والإسلامية.
المصدر الخزف | معهد الدراسات الإسماعيلية كتاب ألف إختراع وإختراع
حوالي القرن الحادي عشرظهرفي المغرب الإسلامي فن الزلَيج ،وازدهر خلال حكم بني نصر في غرناطة ،وبني مرين في فاس، و بنو عبد الواد في تلمسان
ويتكون الزلَيج من فسيفساءات هندسية النمط، لتزيين الجدران والأسقف والنوافر والأرصفة وأحواض السباحة والموائد
ويستقطب الزليج اهتمام الفنانين التشكيليين والمهندسين المعماريين وعشاق الثرات والأصالة. وقد عرفت هذه الصناعة انتعاشا ملحوظا في الفترة المؤخرة (القرن الحادي والعشربن) بالرغم من ارتفاع فن الزليج الذي قد يصل إلى 600 دولار للمتر مربع في أصناف معينة
.و منذ ازدهار فن العمارة التقليدية أصبح الزليج عنصرا أساسيا في زخرفة البنايات، والإدارات العمومية، والمساجد، والمنازل التقليدية ، والفيلات، والشقق
ولا تزال مدينتين فاس ومكناس في المغرب مركزان لإنتاج بلاط الزليج ،وهذه الحرفة تنتقل من الأب إلى الابن، من المعلم إلى التلميذ داخل ورشات العمل العائلية حيث أن التعلم يبدأ من الصغر، فالمبتدئ يتدرج في تنفيذ المهام الأكثر سهولة وهو يتابع ويلاحظ ما يصنع حوله ثم ينتقل تدريجيا إلى كل مراحل الصناعة من الأقل أهمية إلى التي لها قيمة عالية قبل أن يصبح معلما خبيرا بالصنعة ومرجعا لها
و من بين الأمثلة التي تشهد على خلود هذا الفن الذي يجسد الهوية المغربية نجد
المدرسة البوعنانية 1357-1350
مدرسة العطارين 1325-1323
مدرسة بن يوسف 1564-1565
قصرالمشور بتلمسان بني سنة 1248
هذا التقليد لا يزال حيا كما يتضح من مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء الذي تم افتتاحه في عام 1993م
صناعة فسيفساء ،هو قيام بعملية زخرفة لسطح ما عن طريق صف القطع ذات الحجم الصغير
ويرجع إستخدام الفسيفساء لأيام السومريين ثم الرومان حيث شهد العصر البيزنطي تطورا كبيرا في صناعة الفسيفساء لأنهم ادخلوا في صناعته الزجاج والمعادن، وقد مر تطور الفسيفساء بمراحل عديدة حتى بلغ قمته في العصر الإسلامي حيث لقي اهتمامًا خاصًا من قبل الخلفاء والملوك والأمراء، فزُيِّنت القصور والجوامع بمزيج من فنون النحت والحفر والإكساء بالفسيفساء، ما خلق فنًا متميزًا فيه من السحر ومن الصنعة ما يدهش
كما قام الفنانون المسلمون بتغير نمط هذا الفن ليناسب التعاليم الإسلامية و بدأ يأخذ منحى أخر تمامًأ في زخرفة و تزيين المساجد و كتابة الآيات القرآنية و تزيين قصور الملوك في الدولة الأموية و تزيين مسجد قبة الصخرة المشرفة ومن هنا كانت البداية الإسلامية لتلك الفن
أما أهم وأكبر لوحات الفسيفساء على مستوى العالم والمكتشفة حديثا، فهي تعود لفسيفساء قصر شيده الخليفة الأموين هشام بعبد الملك في مدينة أريحا الفلسطينية حيث إنه أثناء التنقيبات التي قام بها علماء فلسطينيون وبريطانيون في الفترة ما بين 1935 و1948 عثروا على حجر في القصر عليه كتابة مذكور فيها اسم الخليفة هشام بن عبد الملك، الذي حكم في الفترة ما بين 724 – 743 ميلادية.
تبلغ مساحة الأرضية نحو 827 مترًا مربعًا كلها من الفسيفساء، وتتكون من 38 لوحة متنوعة نفّذت بألوان وأشكال هندسية ونباتية مختلفة
المصدر
موقع العربي الجديد فسيفساء قصر هشام: صوفيّة الفنّ الإسلامي – مليحة مسلماني 9 نوفمبر 2016
الخزف يصنع من طينة مركبة لأنه يضاف إليها العديد من المواد كالمادة الزجاجية، وهو يحرق مرتين وتكون المرة الثانية باضافة المواد الزجاجية ،وهوغير مسامي وأكثرصلابة و أكثر لمعان من الفخار
و قد اشتهرت مدينة الفسطاط في العصرين الطولوني والفاطمي بصناعة الفخار الخزفي ذي البريق المعدني، الذي لم يكن يعرفه الصينيون. وصنع فنانوا العصر الفاطمي الخزف بعجينته البيضاء المتماسكة، كما توصَّلوا إلى الخزف ذي الزخارف المخرَّمة المغطَّاة بالبريق المعدني، والتي كانت تسمح للضوء بأن ينفذ من خلف الإناء، كما ذكر ذلك الرحَّالة الفارسي ناصري خسرو، الذي قدِم من إيران مارّاً بالعراق، وقال إنه لم ير مثله، ممَّا يدلّ على أن الخزف ذا الزخارف المخرّمة لم يكن معروفًا ولم يكن ينتج في العراق أو إيران في العصر الفاطمي
المصدر
الخزف في العصر الفاطمي موقع انترنت اللكاتب محمود يوسف خضر
لم يكتف الصناع في الأمصار الإسلامية بالحفاظ على التقاليد القديمة في صناعة الفخاربل اخذوا في تطويرها وابتكار أساليب جديدة لم تكن معروفة من قبل سواء في الصناعة او الزخرفة
وقد انقسمت الصناعات الفخارية في ذلك العصر إلى نوعين، نوع يتم صناعته لطبقة الأعيان والمقتدرين وكان يتم إنتاجه بخامات منتقاه على أيدي أشهر الصناع، ونوع شعبي يتم إنتاجه بالمواد المحلية مع مراعاة الاقتصاد في نفقات الصناعة التي تفي بالغرض، وهو النوع الأكثر شيوعاً بين الناس
ومن أشهر المدن الإسلامية القديمة في صناعة الفخار، مدينة الفسطاط العاصمة القديمة لمصر الإسلامية، وكان إنتاجها من الفخار امتداداً للفخار المصري الشهير والمعروف منذ عصر الفراعنة
وفي العصر المملوكي أصبحت القاهرة مركزاً مهماً لأنواع إنتاج الفخار الشعبي، المتميز بالبساطة وقلة التكلفة وحسن الذوق ودقة الصنع وتأتي “المسارج الخشبية” على رأس تلك التحف الفخارية في ذلك الوقت،
والمسرجة عبارة عن صحن مملوء بالزيت والملح يطفو فوقه الفتيل
مسرجة عليها زخارف هندسية
ومن الأواني الشائعة في فخار القاهرة الشعبي “قلل الفخار” وقد تفنن الفخرانيون في ابتكار أشكال عديدة لهذه القلل وفي زخرفتها بأساليب مختلفة ومتنوعة كما أسلفنا ، وبرع الخزف في الأشكال الخاصة بشبابيك القلل وتزيينها بالكتابات الكوفية والنسخية والعبارات الدينية وأبيات الشعر والأقوال المأثورة، كما وصل إلينا أسماع بعض صناع القلل ومنهم “قاسم” ومصري، وسعد وعابد ويوسف القلال”.