الماوردي
هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي ولد في البصرة(364 – 450 هـ / 974 – 1058 م) أكبر قضاة آخر الدولة العباسية، صاحب التصانيف الكثيرة النافعة، الفقيه الحافظ، من أكبر فقهاء الشافعية
يعتبرالماوردي واحد من ابرز أعلام الفكر السياسي الإسلامي على مر العصور وبرغم من انه كان هناك العديد من المفكرين السياسيين .. إلا انه استطاع أن يثبت نفسه ويبرز ويوضح أفكاره التي لازالت حية حتى عصرنا الحالي.و قد كان معاصرا لخليفتين من أطول الخلفاء بقاء في الحكم
ألف كتاب ” تسهيل النظر وتعجيل الظفر” الذي يعد من أشهر كتب الماوردي في فن السياسة ، ويضم ذلك الكتاب في ثناياه شرحا وافيا للعديد من قواعد السلوك السياسي حيث صورها ذلك الشيخ الجليل لتكون خير طريق مُنار يسلكه الحكام في حكمهم
فيوجه الشيخ البصري حديثه للحاكم أو للسياسي عموما فيحثه على ضرورة الأخذ بالأخلاق ، والتمسك بالفضائل ، فيقول : حق على ذي الإمرة والسلطان أن يهتم بمراعاة أخلاقه ، وإصلاح شيمه ، لأنها آلة سلطانه ، وأس إمرته
فعلى السياسي أن يجعل الاستقامة طريقه قبل أن يأمر رعاياه بها ، وهو مطالب بلزوم مكارم الأخلاق إن أراد الأفضلية لحكومته , ويخبرنا أن الناس على دين ملوكهم
ويسهب الماوردي في نصحه فيحذر الحاكم من الغرور مؤكدا على أن أقدار الملوك تقاس بقدر ما أنجزوا من أعمال وليس بالتكبر والتعالي على المحكومين
وبناء على ذلك فيجب على الحاكم أن يحذر قبول مدح المنافقين ، وعليه التمييز بين الناصح الأمين والمنافق الذي يبتغي مصلحته فقط
وأيضا من أهم القواعد التي قدمها الماوردي للسياسي تلك التي تحث على ضبط اللسان ، في معنى لزوم الصمت إن أمكن ، واجتناب الكلام إلا للضرورة ، فإن كان متكلما لا محالة فعليه التفكير المسبق قبل التفوه بالكلمة ، فيشتمل تفكيره التدقيق في اختياره لألفاظه وعباراته ؛ لأنه محط للأنظار دائما
وعلى الحاكم كتمان السر وضبط أمارات الوجه ، فلا يظهر في وجهه إمارة سخط ، ولا رضا ، ولا يُعرف منها هل هو مسرور أم حزين
وكذلك على الحاكم -فضلا عما تقدم- أن يلتزم الصدق وينبذ الكذب ، لأن الكذب يحط من قدره ، ثم إن مصير الحقيقة الانكشاف
فالحاكم المسلم هو صادق غير كاذب ، وان كان يجوز له الكذب في مواطن معدودة
ومنها في حالة الحرب ، لكي يخدع الأعداء ويفوز بالنصر
ويضيف أيضا من قواعده انه على الحاكم أن يجمع بين أسلوبي الترهيب والترغيب
فيختار لكل موقف مايتناسب معه من هاذين الأسلوبين ، ويجب عليه في كلا الحالتين
أن يحقق وعده أو وعيده على أكمل وجه
ويحذّر فقيهنا السياسي من الغضب وينصح بتجنبه ، لان الغضب يبعد عن الإنسان الصواب
وعلى الحاكم أن يتحلى بالرحمة إذ أن القسوة مرفوضة لدى الماوردي ، لأنها تخل من ميزان العدالة
وكذلك نبّه بأهمية العدل ، في شأن أمور المحكومين ، وأمور الدولة
أما القاعدة الذهبية التي لا ينفك الماوردي من تكرارها ناصحا الحكام بإتباعها فتتمثل بـ الشورى
إذ يرى ويؤكد انه من الخطر استبداد الحاكم برأيه خاصة في الأمور المصيرية ؛ لان ذلك من شأنه وقوع بعض الأخطاء الجسيمة ، وحدوث عواقب وخيمة ،أما استشارة العلماء من ذوي الألباب والرأي الصواب فيساعد في اختيار الخيارات الملائمة
وأيضا يرى الماوردي أن على الحاكم أن يتفقد أحوال رعيته بالسؤال عنهم واستخبارهم ، ويخصص لهذا الغرض عمالا أكفاء، أمينون، مخلصين
وأخيرا وليس آخرا ، فعلى الحاكم إن أراد لدولته البقاء مصاحبة السلام والقوة
فيجب عليه معرفة أحوال البلدان المجاورة له
ويتضح في ثنايا كل ما تقدم من فكر الماوردي المقتبس من الإسلام أنه لا مجال للفصل بين السياسة والأخلاق ؛لأنها تسير في طريق مستقيم ينيره القران الكريم والسنة النبوية الذي يدعوا ويحث لمكارم الأخلاق
فالحاكم في الإسلام هو إنسان فاضل ، ذكي ، فطن ، كريم ، غير غضوب ، كتوم ، ليس متكبرا ، مستخبر لأحوال رعيته ، مهتما لأحوال الدول المجاورة ،وكل ذلك دون أن يخرج عن القيم السامية
الماوردي قدم بحق في ثنايا كتبه العديدة ، قواعد للحكم جاءت كلها مستمدة من القيم الإسلامية الرفيعة ؛ وذلك هو سبب كونها مثالا لما يمكن تسميته بـ فن السياسة الأخلاقي ، في مواجهة الميكافيلية المعروف بها عالم السياسة و اللاأخلاقية التى أسسها ميكيافيللي الإيطالي عام 1513م على مبدأ الغاية تُبرر الوسيلة ، والتى أصبحت مُرادفاً للإنتهازية على مر العصور
من أهم مؤلفاته
كتاب الحاوي الكبير، في فقه الشافعية في أكثر من عشرين جزءًا
كتاب نصيحة الملوك
الأحكام السلطانية والسياسة الدينية والولايات الشرعية
المصدر
الماوردي رائد الفكر السياسي الإسلامي – للدكتور أحمد وهبان –
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة -الماوردي-