في العصر الحديث بدأ إحياء عملية الترجمة في العالم العربي مع نشأة الدولة الحديثة في مصر على يد محمد علي باشا (1805-1848م)، وجاء ذلك في إطار سياسته الهادفة إلى النهوض بالتعليم، التي شملت إرسال البعثات العلمية إلى دول أوروبا كإيطاليا وفرنسا، وإنشاء المدارس العليا. وجاء الاهتمام بالترجمة كوسيلة لنقل المعارف الأوروبية الحديثة إلى مصر. وفي عام 1835، أمر محمد علي بإنشاء مدرسة الترجمة، والتي عرفت فيما بعد بمدرسة الألسن كمدرسة عليا متخصصة في تدريس اللغات الأوروبية،وقام بإدارة المدرسة رفاعة الطهطاوي الذي اختار لها 80 طالبًا، وتم الاهتمام بتدريس اللغتين العربية والفرنسية، ثم التركية والإنجليزية. ونجحت المدرسة في تخريج كادر متميز من المترجمين المتخصصين، وبلغ عدد الكتب المترجمة على يد خريجي المدرسة 2000 كتاب في مختلف المعارف
وقد اتجه محمد علي إلى شراء الكتب العلمية التي يوصي بها مبتعثوه وموظفوه ليتم ترجمتها، وكانت هناك هيئة من المحررين من علماء الأزهر تقوم بمراجعة وضبط مصطلحات ما تم ترجمته. وكان أول الكتب المترجمة في الطب كتاب “القول الصحيح في علم التشريح”. وأنشأ محمد علي “المطبعة الأميرية” ببولاق 1822 وعددًا من المطابع الأخرى لطباعة الكتب المترجمة وتوزيعها على الموظفين، والطلاب، وأفراد الجيش، ومن تيسر له الحصول عليها من العامة
رفاعة رافع الطهطاوي المتوفي 1290 هـ/1873 هومن قادة النهضة العلمية في مصر في عهد محمد علي باشا.وهو من تقدم باقتراح إلى محمد علي لإنشاء مدرسة عليا لتعليم اللغات الأجنبية، وإعداد طبقة من المترجمين المجيدين يقومون بترجمة ما تنتفع به الدولة من كتب الغرب ونجح في إقناعه بإنشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة الألسن
صارت بعد ذالك الألسن المدرسة العليا الوحيدة في الشرق الأوسط لدراسة اللغات دراسة تخصصية مع الاهتمام الخاص بالترجمة. وفى 20 ديسمبر 1973 صدر القرار الجمهورى رقم 1952 بضم مدرسة “الألسن العليا” إلى جامعة عين شمس كلية مستقلة باسم كلية الألسن
المصدر
حركة الترجمة في العصر الحديث – مجلة فكر الثقافية