أحـدث ما كتبه علماء المسلمين في هذا المضمار، ما خطه الشيخ محمد حسين العطار الدمشقي (1243-1177هـ/1827-1764م) تحت عنوان علم المياه الجارية في مدينة دمشق، أو رسالة في علم المياه. يـقول العطار عن سبب تأليف الرسالة ما يلي
عنَّ لي أن أضع في ذلك تأليفاً وافياً بالمقصود كافياً، إذ لم أر في ذلك رسالة ولا كتاباً مع كونه من مهمات الحساب
ركز العطار في رسالته على طرق حساب توزيع مياه نهر بَرَدَى على كل حارة وزقاق وبيت في دمشق وغوطتها، وهي تروي كل إنسان وحيوان ونبات، في كل وقت وزمان وعلى مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع، وعلى مدار العام، أليس ذلك دليلاً على التقدم والعلم ؟. لذلك قال العطار في مؤلفه إنَّ العلم وحده ودقة الحساب توصل الحياة إلى كل بيت وإنسان في زمن لم يكن للآلة والمضخات والرافعات وجود. لذا استخدم الدمشقيون الحسابات الدقيقة في تسيير قنوات المياه بمدينتهم، واستخدموا معها الأواني المستطرقة في التوزيع.
وقد أوضح المؤلف في مخطوطته أسس علم توزيع المياه، وهو مبني على علم الفرائض والحساب، والعلوم الأخرى المساعدة، كعلم الهيئة، وهوعلم الفلك، ويفيد هنا في حساب الميول والانحدارات وفي توزيع المخططات، وعلم الميقات، وذلك لحساب الزمن المخصص في توزيع المياه. كما يبين لنا الأدوات التي يستخدمها العالم في هذا العلم، كالذراع والبيكار وغيرها، ثم يوضح لنا طرق الحساب بحسب الفرائض والنسب والقراريط، ويشرح لنا أيضاً المسائل التي ترد في تطبيقات العلم، ويضرب الأمثلة على كل حالة ليعلمنا كيف نحل الإشكالات، ويبين أسباب الخلل الذي قد يحدث في بعض الأحيان عند توزيع المياه. كما حفلت رسالة العطار بالعديد من المصطلحات العلمية الهامة الخاصة بهذا العلم
المصدر
عن كتاب: “كيف واجهت الحضارة الإسلامية مشكلة المياه؟”، د. خالد عزب