Archive for the ‘أفلاطون’ Tag

الجانب المظلم من الفلسفة الأخلاقية لأفلاطون   Leave a comment

 

Plato_Republic_1713

حجبت هالات المجد التي خلعها الدارسون الغربيون على (جدهم) أفلاطون ـ و جاراهم في ذالك تلاميذهم المخلصون،من الشرقيين،حجبت الجوانب القاتمة،بل المظلمة في فلسفته الأخلاقية ..، وهذه الجوانب كفيلة -في نظر العقل غير المنحاز- بأن تسقط إسم أفلاطون -أعضم فلاسفة الغرب – و تمحوه من سجل الفلاسفة الأخلاقين،بل تحاكمه كما حوكم النازيون من بعد
تعد (الجمهورية) أهم مؤلفات أفلاطون قاطبة،فيها تصور مجتمعا مثاليا أخلاقيا سعيدا يتمتع بالإنسجام و العدل،وضمَّن هذه الجمهورية كل أفكاره الفلسفية الخلقية، قال

“فلنتخيل إذن دولة تنمو و تتكون أمامنا”

ثم فصًّل قواعده الأخلاقية التي أرسى عليها دولته المثالية

أظهرت العديد من مساوئه نختزلها في

العنصرية

كشف أفلاطون عن عصبية مقيتة، فهو أولا يعلي من شأن الجنس الإغريقي على بقية الأجناس والشعوب الاخرى ، ولا يتردد في إطلاق وصف البرابرة عليهم إستخفافا بهم،وتعاليًاعليهم

حرصه على الرق والعبودية

حرص أفلاطون على حفظ على الفوارق بين فئات البشرالمختلفة،وإيمانه المتأصِّل بالتفاوت الطبيعي بين الناس،جعله يدين النظام الاثيني (الديمقراطي) لتهاونه مع العبيد، و يقول

إن اقصى ما تصل اليه الحرية في مثل هذه الدولة (الديمقراطية) هو أن يغدو العبيد  من الرجال والنساء الذين يشترون بالمال،متساوين في حريتهم مع ملاكهم الذين اشتروهم
“و هذا اخطر عيوب الحرية و الديمقراطية

ولم يقتصر الفكر الافلاطوني العنصري،على مجرد قبول الرق او حتى على محاولة تبريره و الدفاع عنه بل قد دعا الى مزيد من الصرامة في معاملة العبيد

كراهية للمرأة وشذوذه الجنسي

لم يكن افلاطون يكن للمرأة مشاعر ودية، ولم يتزوج،ودعا الى الغاء الاسرة، وانكرقدسية الزواج و المشاعر العائلية المعروفة
على حين ان موقفه من (الجنسية المثلية) يعني علاقات الحب الشاد بين الرجال كان موقف المؤيد و المشجع عليه
و على كل حال فان الشدود في علاقات الحب بين الرجال و بعضهم كانت ظاهرة بارزة في المجتمع اليوناني و أيدها بعظ المفكرين مثل (يوربيدوس) و(سولون) و افلاطون

اباحته الكذب

قد أباح افلاطون الفليسوف المثالي للحكام ان يكذبوا وأن يخدعوا رعاياهم يقول

“يبدو لي أن الحكام سيضطرون إلي أن يلجأوا كثيرا الى الكذب و الخداع من أجل نفع تابعيهم، ولقد قلنا من قبل إن هذا الكذب نافع بوصفة دواء”

و يقول

” لحكام الدولة وحدهم الحق في خداع الاعداء أو المواطنين”

همجية ووحشية

وذالك بدعوته الصريحة الى ترك الضعفاء و العجزة و المرضى يموتون،بل إلى قتلهم إذا إقتضى الامر ذالك ،فهو يقول ـ بلهجة همجية و حشية لا يستطيع أي داعية نازي أو فاشي أن يجاري قسوتهاـ

إن من الواجب أن يعني الأطباء و القضاة بالمواطنين من ذوي الطبائع الجسمية أو النفسية السليمة،أما من عداهم، فسندع منهم أولئك الذين إعتل جسمهم يموتون، وسيقضي المواطنون ذاتهم على أولئك الذين إعوجت نفوسهم و انحرفت “طبائعهم

ومعنى ذالك أن حق الحياة ـ وهو أول الحقوق و أوكدهاـ ليس حقا طبيعيا للإنسان عنده،وإنما يكون للفرد هذا الحق بقدر ما يكون سليما صحيحا صالحا لخدمة الدولة وأداء وظيفته فحسب

وأخيرا فقد إندمجت محاورته الجمهورية في تراث الغرب و الحضارة الغربية و أثرت فيهما تأثيرا قويا،و أصبحت دعامة أساسية من دعائمها،وانتقلت فلسفته الى العالم الحديث تبعا لهيمنة الحضارة الغربية سياسيا و ثقافيا وإقتصاديا و عسكريا على أمم العالم المعاصر

كما أن تعاليم أفلاطون قد وجدت إهتماما بها،بل توفيقا بينها و بين تعاليم الدين المسحي،ومن هنا قدإكتسب افلاطون نوعا من القداسة، أحيط بهالة مصطنعة من التبجيل و التوقير هو و كتابة الجمهورية، يقول عنه الفليسوف رالف إمرسن المتوفي 1882م

:”أحرقوا المكتبات،فما بها من نفائس يضمها هذا الكتاب وحده”

على أن الباحث الدقيق البصير يرى أن وصف افلاطون ب(الفيلسوف الإلهي) أو تصويره بصورة المفكر القديس أو المعصوم ليست إلا أسطورة أو خرافة نسجها مفكرون مغرضون كما ذكر (فايت)و (بوبر) و (جورج سارطون) وكما رأينا بأنفسنا من خلال عرض وجيز لأهم آرائه و افكاره و فلسفته الأخلاقية

ونسأل الان هل تشكّل فلسفة افلاطون الاخلاقية مصدرا للأخلاق الاسلامية،أو هل تبلغ الأخلاق الإسلامية كمالها بترجمة أخلاق أفلاطون إلى اللغة العربية وتسربها إلى بعض المفكرين المسلمين كما يرى بعض زملائنا؟

المصدر
كتاب الفكر الأخلاقي دراسة مقارنة تأليف د. محمد عبد الله الشرقاوي

%d مدونون معجبون بهذه: