Archive for the ‘علم الجيومورفولوجيا’ Category

رائد علم الجيومورفولوجيا عند المسلمين   Leave a comment

91

 

علم الجيومورفولوجيا أو علم شكل الأرض تركز على دراسة التضاريس (كالجبال والسهول والأودية والأنهار والصحاري والسواحل) وأسباب نشأتها وتطورها عبر الزمن ، وقد تناول العلماء المسلمون الجيومورفولوجيا (علم شكل الأرض) بشقَّيْها النظري والعملي، وقد توصَّلوا في ذلك إلى حقائق تتَّفق مع العلم الحديث، من ذلك أثر العامل الزمني في العمليَّات الجيومورفولوجية، وأثر الدورتَيْن الصخريَّة والفلكيَّة في تبادل اليابسة والماء، وكذلك أثر كلٍّ من المياه والرياح والمناخ عامَّة في التعرية

ويُعَدُّ البيروني أفضل من تناول هذا الجانب، ويتَّضح ذلك في تعليله لكيفية تكوُّن أحد السهول في الهند

“فقد كان في مكان هذا السهل حوض بحري طَمَرَتْهُ الترسُّبات حتى سوّت منه سهلاً”

كما لاحظ الترسبات النهريَّة، خاصَّة كلَّما قرب النهر من المصبِّ؛

فإن التكوينات تكون ذات حجم كبير عند المنبع عند أول النهر، وتأخذ في الدقَّة والنعومة كلَّما قرب من المصبِّ؛

فالحجارة عظيمة بالقرب من الجبال وشدَّة جريان مياه الأنهار، وأصغر عند التباعد وفتور الجري، ورمالاً عند الركود والاقتراب من المغايض والبحر… (فما كانت) أرضهم إلاَّ بحرًا في القديم قد انكبس بحمولات السيول

وخلال إستدلاله من تحوُّل البحر إلى مناطق يابسة؛ يستشهد البيروني في كتابه: (تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن) على أن جزيرة العرب كانت مغمورة بالمياه فانحسرت عنها بتعاقب الحِقب الجيولوجية، وأن من يحفر حياضًا أو آبارًا يجد بها أحجارًا إذا شُقَّت خرج منها الصدف والودع،

فهذه بادية العرب كانت بحرًا فانكبس، حتى إنَّ آثار ذلك ظاهرة عند حفر الآبار والحياض بها؛ فإنها تُبدِي أطباقًا من تراب ورمال ورَضْرَاض، ثم فيها من الخزف والزجاج والعظام ما يمتنع أن يُحمل على دفن قاصد إياها هناك، بل تخرج أحجارًا إذا كسرت كانت مشتملة على أصداف وودع، وما يسمَّى آذان السمك؛ إمَّا باقية فيها على حالها، وإمَّا بالية قد تلاشت، وبقي مكانها خلاء فتشكَّل بشكلها

وهنا يشير البيروني إلى المستحجرات، وهي بقايا عضويَّة كاملة أو طوابعها التي تكون داخل الحجارة، ويستدلُّ بذلك على أن بعض المناطق كانت تغطِّيها المياه ثم أصبحت ضمن اليابسة

المصدر: ابتكار المسلمين علم الجيولوجيا د. راغب السرجاني

%d مدونون معجبون بهذه: