Archive for the ‘البصريات’ Category

يعد أبو الحسن بن الهيثم المتوفي 430 هـ/1040م مؤسس علم بصريات ففي كتابه “كتاب المناظر” وضع فيه أسس البصريات الفيزيائية الحديثة بعد أن غير جذرياً طريقة فهم الضوء ورؤية الأشياء حيث يقول
إن الإبصار يتم بانعكاس الضوء على الأشياء ومن ثم بدخوله إلى العين، وكان بذالك أول من رفض نظرية الإغريق في جملتها
ويحتوي هذا الكتاب بحث في طبيعة الضوء، وفيسيولوجيا الإبصار وآليته، وبنية العين وتشريحها، وفي الانعكاس والانكسار، وأجرى دراسات انعكاس الضوء. كما درس العدسات بتجريب المرايا المختلفة، المسطحة والدائرية وذات القطع المكافئ والأسطوانية والمقعرة والمحدبة. ورأى العين تعتمد على نظام انكسار ضوئي، فطبق هندسة الانكسار عليها
واكتشف ببراعة ظاهرة الانكسار الجوي، واستخدم الرياضيات بكثافة لدراسة الظواهر الضوئية
استخدم ابن الهيثم البرهان التجريبي لفحص نظرياته، وهو أمر لم يكن مألوفاً في زمانه، لأن علم الفيزياء قبله كان أشبه بالفلسفة، ولا يعتمد على التجربة، فكان هو أول من أدخل البرهان التجريبي كشرط أساسي لقبول النظرية. وكان كتابه “المناظر” نقداً فعلياً لأعمال بطليموس وغيره من القدماء، وما زال الباحثون يستشهدون بكتابه هذا بعد ألف سنة ليدربوا طلابهم على المنهجية العلمية، واكتساب الحس العملي لئلا ينساقوا خلف الآراء المسبقة والأفكار المتحيزة. يعد ابن الهيثم ومن غير مبالغة أبا العلم التجريبي ويعادل تأثيره في علم البصريات تأثير نيوتن في العلم ذاته للقرون التي تلته
لتُعد أعماله العلمية فتحًا جديدًا في عالم البصريات وفسيولوجية الإبصار، و الأساس الذي بنى عليه علماء الغرب جميع نظرياتهم في هذا الميدان
المصدر
سليم الحسني، ألف اختراع واختراع، الفصل الأول: البيت – الرؤية وآلات التصوير، ص26-29
كتاب المناظر – ويكيبيديا

أول كتاب عربي بعلم البصريات
الكندي
أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي المتوفي عام 256 هـ/873م علاّمة عربي مسلم، برع في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات والموسيقى وعلم النفس والمنطق الذي كان يعرف بعلم الكلام
كان أول المسلمين الذي تناول الظواهر الضوئية وعالجها في كتابه الشهير “علم المناظر“، وكان ذلك أول كتاب عربي يُعنَى بعلم البصريات والذي كتب فيه عن موضوع الأفكار الأرسطية والبصريات الإقليدية فقال
إن مخروط الرؤية لا يتعلق بأشعة غير مرئية كما قال إقليدس بل يبدو ككتلة ذات ثلاثة أبعاد من الشعاعات المستمرة
وتوصل إلى
أن كل شيء في العالم… تنبعث منه أشعة في كل إتجاه، وهي التي تملأ العالم كله
وكان قبل ذالك إعتقاد أرسطو لكي يرى الإنسان، يجب أن يكون هناك وسط شفاف بين العين والجسم، يملؤه الضوء، إذا تحقق ذلك، تنتقل صورة الشئ للعين
من ناحية أخرى، اعتقد إقليدس أن الرؤية تحدث نتيجة خروج أشعة في خطوط مستقيمة من العين على كائن ما وتنعكس ثانية إلى العين
وكان لهذا الكتاب صدى في المحافل العلمية العربية، ثم الأوروبية خلال العصور الوسطى
وفي القرن السادس عشر قال عالم الفيزياء والرياضيات الإيطالي جيرونيمو كاردانو
إن الكندي يعد واحداً من اثني عشر عقلاً عملاقاً في التاريخ، لأنه بحث كيفية سير أشعة الضوء على خط مستقيم، وتحدث عن الإبصار بمرآة ومن دون مرآة، وعن أثر المسافة والزاوية في الإبصار وفي الخداع البصري
المصدر
سليم الحسني، ألف اختراع واختراع، الفصل الأول: البيت – الرؤية وآلات التصوير، ص26-29
الكندي.. الرائد الأول للفلسفة العربية – ملاحق جريدة المدى اليومية

في عام 373هـ – 984م كتب عالم مسلم رياضي و فيزيائيابن سهل كتابه الخاص المعروف بالأدوات الحارقة و هو كتاب تجريبي ( بين فيه الوسائل الميكانيكية لرسم القطوع المخروطية) و نظري في آن معاً
حيث وضع واكتشف ابن سهل أول قانون إنكسار، وقد استخدم القانون لإستخلاص أشكال العدسات التي تركز الضوء من غير إنحراف، والمعروفة بعدسات الانكسار وهي غير دائرية الشكل
قانون انكسار الضوء يعرف بقانون سنل
و قد نقلت معارف و علوم ابن سهل من خلال عدد من تلاميذته و علماء عصره. و يعتبر الحسن ابن الهيثم مثالاً على ذلك
المصدر:ابن سهل – ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
Wolf, K. B. (1995), “Geometry and dynamics in refracting systems”, European Journal of Physics

كان ابن الهيثم شأنه شأن غيره من الفلاسفة و علماء الرياضيات البارزين – يتمتع بملاحظة دقيقة، كان ذات يوم في حجرة، فلاحظ أن النور يدخل من ثقب صغير في مصراع النافذة ويقع على الجدار المقابل على شكل نصف قمر عند كسوف الشمس .فاعتبر أن صورة الشمس وقت الكسوف،تبين ما لم يكن الكسوف كليا، انه عندما يمر ضوؤها عبر ثقب صغير مدور و يقع على سطح مقابل للثقب فإنه يتخد شكلا مخروط كالمنجل القمري
بفضل هذه التجارب أوضح ابن الهيثم أن الضوء يسير مستقيم وعندما تنعكس الاشعة من سطح ساطع و تمر عبر ثقب صغير ولا تتبعثريعاد تشكيله بهيئة. صورة مقلوبة على سطح أبيض مسطح موازن للثقب، ثم إستنتج ان الصورة تكون أوضح كلما كان الثقب اصغر
و إستنتج أن ضوء الشمس حين يخترق الثقب يكون شكلامخروطيا آخر بعكس المخروط الاول على الجدار المقابل في الحجرة المظلمة
أدت هذه المكتشفات في مراحل لاحقة الى إستخدام الحجرة المظلمة في الرسوم على نحو واسع، و قذ اعتمد ابن الهيثم الحجرة المظلمة ذات الثقب الصغير لدراسة مسارات الضوء بخطوك مستقيمة و استنتج أننا نرى الاجسام قائمة مستوية كما تفعل الكاميرا بفضل نقطة اتصال العصب البصري بالدماغ الذي يحلل الصورة و يتعرف اليها
كان ابن الهيثم يستخدم في أثناء تجاربه العلمية مصطلح الغرفة المظلمة الذي ترجم الى اللاتيينية بمصطلح
camera obscura
وما زالت كلمة كاميرا قيد الاستعمال اليوم شأنها شأن الكلمة العربية قمرة التي تعنى غرفة خاصة أو مظلمة
ترجم العالم جيراد الكريموني في العصور الوسطى باسبانيا عددا من أعمال ابن الهيثم ، و خصوصا كتاب المناظر. فكان له أثر عميق في مفكري القرن الثالث عشر الكبار مثل روجز بيكون ووايتلو، و حتى في أعمال ليونادو دافينتشي في القرن الخامس عشر
المصدر
سليم الحسني، ألف اختراع واختراع، الفصل الأول: البيت – الرؤية وآلات التصوير، ص26-29

درس كمال الدين الفارسي المتوفي عام 719 هـ/1319م “كتاب المناظر” لابن الهيثم وتعمّق في مفاهيمه، فجاء مؤلفه “تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر” مكمّلا لما كتبه ابن الهيثم. والواقع أن محتوى هذا الكتاب يتجاوز دور الشرح والمراجعة إذ ذهب إلى حدّ إثبات أن البعض مما أقرّه ابن الهيثم من نظريات في البصريات خاطئة مقدّمًا نظريات بديلة. ذلك أن الفارسي كان من مؤيدي ما يسمى اليوم بالنظرية الموجية للضوء، خلافا لابن الهيثم، وهو يقول بهذا الصدد إن حركة الضوء شبيهة بحركة الصوت وليست شبيهة بحركة الأجسام
لاحظ الفارسي أنه لا يوجد فاصل بين لون ولون في طيف الألوان وأنه يمكن اعتبار عدد الألوان غير منته، ذلك أنه يرى بأن الضوء يتلوّن بالانعكاس والانكسار، وبالتالي فإن التغيّرات التي تطرأ على الضوء هي العنصر الوحيد المشترك في عالم الألوان وهو ما عبّر عنه بعد ذلك العصر بطول (سعة) الموجة
ومن ابداعات الفارسي منسوبة إلى إسحاق نيوتن لتوضيح بعض مظاهر الخداع البصري (مايسمى بقرص نيوتن للألوان ) حيث أن عالمنا الفاضل قد أجرى في ذلك التجربة التالية: صبغ وجه حجر الطاحون بعدة ألوان مختلفة وأدارها بسرعة، فوجد أنه لا يظهر سوى لون واحد لتمازجها
كما أعطى الفارسي تفسيرًا رياضيًا مُرضيًا حول ظاهرة قوس قزح، وتفسيره لطبيعة الألوان فأصلح بذلك نظرية ابن الهيثم
المصدر
Megri K. : Les premiers pas d’une conception moderne de l’hypothèse ondulatoire dans l’œuvre optique de Kamal al-Din al-Farisi, 6éme Colloque Maghrébin sur l’Histoire des Mathématiques Arabes, Ecole Normale Supérieure de Kouba, Alger, 20-22 November 2000
من أعلام الحضارة العربية والإسلامية مصطفى نظيف (1893-1971)المعجب بابن الهيثم
بقلم : أ. د. أبو بكر خالد سعد الله