Archive for the ‘علم المصريات’ Category

لقد ظل هرم خوفو/ لغزاً عصياً على الإفهام، وقد عجز الناس عن اكتناه سره والنفوذ إلى داخله، فبالرغم من خضوع مصر لدول خارجية كالهيكسوس والأشوريين والفرس والكلدان والإغريق والرومان والروم والبيزنطيين والعرب المسلمين زمن الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين ،وحين ازدهرت العلوم ونشطت حركة الترجمة زمن الخليفة العباسي السابع عبد الله المأمون الذي كان رجل علم وثقافة ورغبة في المعرفة فكان يحضر المناقشات والمساجلات بين العلماء وقد سمع عن أسرار مصر وآثارها القديمة وعندما زارها عام 220 هـ /820/ م وسمع بقصة (سوريد)، وكان هرم (خوفو) آنذاك أقرب إلى شكله الأصلي، ولم تزل كسوته الخارجية قائمة في معظمها ولم يكن مدخله الأصلي ظاهراً وكان الهرم يبدو أشبه بجبل ضخم من الحجرالصلد حيث لا تبدو فيه ثغرة واحدة وقد مضت آلاف السنين منذ أغلق البناء الهائل آخر مرة ونسي التاريخ كل شيء بداخله
قرر الخليفة المأمون بالنفوذ لداخل الهرم (خوفو) الأكبر بحثاً عن مخطوطات علمية وفلكية يحويها الهرم كما سمع عن جودة معادن غريبة مقاومة للصدأ وزجاج مطواع يلتوي دون أن ينكسر. لذلك جمع المأمون أفضل مهندسيه وبنائيه وعماله فوق هضبة الهرم وطلب منهم العمل على ثقب الهرم للنفوذ إلى داخله والحصول على كنوز سوريد (خوفو) العظيم، لذلك شرع الجميع بالعمل بهمة ونشاط واختاروا مكاناً متوسطاً في الواجهة الشمالية للهرم مدفوعين حسب فكرة قديمة متداولة: أن مدخل الهرم الأكبر يقع في واجهته الشمالية
عمل رجال المأمون بجد ونشاط وشقوا طريقهم ببطء شديد داخل الصخر الصلد دون أن يعثروا على أدنى بادرة أمل، كان الهرم صلداً يتحدّى طاقة البشرومقدرتهم العاجزة
لقد ذكر المقريزي في خططه قال
ذكر القبط في كتبهم أن على الهرم نقشاً تفسيره بالعربية: أنا سوريد الملك بنيت هذا الهرم في وقت كذا وكذا.. وأتممت بنائه في ست سنين، فمَن أتى بعدي وزعم أنه ملك مثلي فليهدمها في ستمائة سنة وقد عُلم أن الهدم أيسر من البنيان، وأني كسوتها عند فراغها بالديباج، فليكيسها بالحصر
قام رجال المأمون بعد أن طال عليهم العمل على طريقة أخرى غير المعادن والأزاميل، فصاروا يحمون الصخور بالنار حتى تتقد كالجمر ثم يصبون عليها الخل فتتفتت وتصبح هشة تحت ضربات معاولهم، حيث يمكن اليوم رؤية بعض الصخور المحترقة في السرداب الذي نحته رجال المأمون والمستخدم حالياً في دخول الهرم، واستمر عمل ورشات المأمون شهوراً عدة والهرم لا يلين،وكاد الرجال ييأسون ويعلنون التخلي عن العمل حتى سمعوا أصوات صخرة ثقيلة تهوي في داخل أعماق الهرم على مقربة من السرداب الذي حفروه، وان لها صوت باطني مكتوم يدل على وجود فراغ قريبا، واصل العمال العمل بهمة ونشاط باتجاه مكان الصوت المكتوم الذي سمعوه،وبعد جهد نّفٌذّ رجال المأمون على الممر الهابط قبل التقائه بالممر الصاعد، وهكذا صعد الرجال في الممر إلى المدخل الخارجي الأصلي ونقبوه من الداخل إلى الخارج، وهكذا أعيد فتح باب الهرم بعد أن ظل مغلقاً عن العالم مدة زادت عن خمس وثلاثين قرناً، مع ذلك لم يجد رجال المأمون كنوزاً كما توهموا، ولم يكن ثمن لتلك الجهود المبذولة والمغامرة الخاسرة سوى تسجيل فضل اقتحام الهرم الأكبر أعتى الحصون القديمة في العصور الوسطى، للخليفة العربي المأمون

وعلى ما يظهر لقد جرد الهرم من محتوياته وكنوزه بعد أن تعرض للنهب والتخريب أكثر من مرة على أيدي الكهنة أنفسهم في عهد منقرع وفي عهد الثورة الشعبية ضد الإقطاع. ولكن الهرم أغلق مرة أخرى في العهد الصاوي الذي يبدي اهتماماً شديداً في المحافظة على منجزات الأسلاف العظام وظل مغلقاً حتى القرن التاسع الميلادي
المصدر
الهرم الأكبر ( هرم خوفو ) وألغازه الكونية لعبود قرة صفحة 53-54


قبل إهتمام الأوروبيين بآثار الفراعنة كان العرب أوائل الذين عرفوا وتحدثوا عن الأهرامات في نصوص واضحة، حيث يقول عبد اللطيف بن يوسف البغدادي المتوفي 1231 م موافق629 هجرية في كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض
ومن الآثار القديمة الأهرام، وقد أكثر الناس من ذكرها ووصفها و(الحديث عن) مساحتها، وهي كثيرة العدد جداً، وكلها ببر الجيزة، وعلى سمة مصر القديمة وتمتد في نحو مسافة يومين، وفي بوصير منها شيء كثير، وبعضها كبار وبعضها صغار… وبعضها مدرّج وأكثرها مخروط أعلى. وأما الأهرام المتحدَّث عنها المشار إليها الموصوفة بالعظم فثلاثة أهرام موضوعة على خط مستقيم بالجيزة قبالة الفسطاط، وبينها مسافات يسيرة زواياها متقابلة نحو المشرق، واثنان منها عظيمان جداً وفي قدر واحد، وبهما أولع الشعراء، وشبهوهما بنهدين قد نهدا في صدر الديار المصرية (…). وقد سُلك في بناية الأهرام طريق عجيب من الشكل والإتقان، لذلك صبرت على ممر الزمان، بل على ممرها صبر الزمان، فإنك إذا تبصرتها وجدت الأذهان الشريفة قد استهلكت فيها، والعقول الصافية قد أفرغت عليها مجهودها، والأنفس النيّرة قد أفاضت عليها ما عندها لها، والملكات الهندسية قد أخرجتها إلى الفعل مثلاً هو غاية إمكانها، حتى أنها تكاد تحدث عن قومها وتخبر بحالهم، وتنطق عن علومهم وأذهانهم، وتترجم عن سيرهم وأخبارهم
وبعد أن يتابع البغدادي هذا الوصف مفصّلاً شكل المباني وداخلها، يصل إلى أبي الهول فيقول
وعند هذه الأهرام بأكثر من غلوة (مقدار رمي السهم) صورة رأس وعنق بارزة من الأرض في غاية العظم يسميه الناس أبا الهول… وفي وجهه حمرة ودهان أحمر يلمع عليه رونق الطلاوة، وهو حسن الصورة مقبولها، عليه مسحة بهاء وجمال، كأنه يضحك مبتسماً. وسألني بعض الفضلاء ما أعجب ما رأيت؟ فقلت تناسب وجه أبي الهول. فإن أعضاء وجهه كالأنف والعين والأذن متناسبة، كما تصنع الطبيعة الصور متناسبة. والعجيب من مصور كيف قدر أن يحفظ نظام التناسب في الأعضاء مع عظمها، وأنه ليس في أعمال الطبيعة ما يحاكيه وينقله

وكان البغدادي يبدي اهتمامه الشديد لمعرفة طريقة نقل حجارة الأهرام وتركيبها، والمواد التي استخدمت في بنائها واللغة المجهولة المكتوبة على الأهرام حيث قال

أما موقف حكام العرب والمسلمين من الآثار السابقة فيصفهم الرحالة الشهير عبد اللطيف البغدادي
وما زالت الملوك تراعي بقايا هذه الآثار وتمنع من العبث بها وإن كانوا أعداء لأربابها، وكانوا يفعلون ذلك لمصالح منها لتبقى تاريخاً يُنتبه به على الأحقاب، ومنها أنها تدل على شيء من أحوال من سَلف وسيرتهم، وتعداد علومهم، وصفاء فكرهم
مصدر
البغدادي في مصر: وصف أوّل للأهرامات وكلام عن أكل لحم الموتى – جريدة الحياة


يعد أحمد كمال باشا (المتوفي 1341 هـ / 1923م) رائد الدراسات الأثرية في العالم العربي،كان يجيد اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية والتركية، ويعرف قليلاً من القبطية والحبشية، كما يقرأ الهيروغليفية. وتقلب في مناصب وأعمال كثيرة، وأحرز أوسمة ورتبًا حسنة. وآخر ماعهد به إليه أمانة متحف القاهرة، ودروس الحضارة القديمة في الجامعة المصرية
ألف كمال باشا كتاب (العقد الثمين فى محاسن أخبار وبدائع آثار الأقدمين) الذى كتبه عام 1883م، وهوأول دراسة تاريخية علمية عن الحضارة المصرية القديمة باللغة العربية، يكتبه عالم مصرى متخصص فى علم الآثار
وكما يعد معجمه “قاموس اللغة المصرية القديمة” أهم ما كتبه أحمد باشا كمال من مؤلفات وأعظمها شأن وكان مخطوطا يقع في 22 مجلدا، ويجمع مفردات اللغة المصرية وما يقابلها بالعربية والفرنسية والقبطية والعبرية. تم طباعة المخطوط في 23 مجلد بواسطة المجلس الأعلى للآثار عام 2002 في شكل تصوير شمسي بخط المؤلف بعد جمع نسخ المخطوط من الورثة. وهو مسودة للمعجم تحتاج بحوث لنشرها ككتاب
وهذا المعجم وليد فكرة ملكت المؤلف الحصيف، وهي أن هناك صلات بين اللغة المصرية القديمة واللغات السامية، وخصوصا اللغة العربية. وكان لتمكنه من اللغات المصرية والسامية أثر كبير في تتبع الفكرة وتأصيلها. ولأن لغته الأم هي اللغة العربية على عكس الباحثين الغربيين
ومن أمثلة الكلمات المصرية القديمة ومرادفاتها من العربية كلمة: حنت، وهي الحنطة، وترا: ذرة، زت: زيت، زدتو: الزيتون

ولما تقدم أحمد كمال إلى وزارة المعارف لطبعه قبل وفاته على نفقتها أحالت جزءًا منه إلى مدير المطبوعات وكان إنجليزيا، فأحاله إلى كبير الأمناء بمصلحة الآثار العالم الإنجليزي فرث لإبداء الرأي فأشرك معه عضوين: أحدهما أمريكي، والآخر فرنسي، وجاء رأي اللجنة مخيبا للآمال فلم تهتم الوزارة بطبعه، وأهمل عمل كان نشره سيدحض نظريات الاستشراق والتغريب التي تدعو إلى الفرعونية، وتباعد بين أصل جنس الشعب المصري والجنس العربي، ويكشف عن عراقة عروبة مصر على امتداد تاريخها الطويل
المصدر:أحمد كمال باشا – ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
أبو جعفر الإدريسي

يعد كتاب (أنوار علوم الأجرام في الكشف عن أسرار الأهرام) لأبو جعفر الإدريسي مؤرخ، وحافظ للحديث، مغربي الأصل المتوفى عام (649هـ) 1251م، من أهم الكتب العلمية عن تاريخ الأهرام ، وهو عبارة عن رسالة من 7 فصول ناقش فيها: الطريق إلى الأهرام، وسبب بناء الأهرام، ومتى تم بناؤها، والوظائف المرتبطة ببنائها، والذين زاروا الأهرام
ومن قبل أبو جعفر الإدريسي أظهرالخليفة المأمون فضولا لمعرفة أسرار الأهرام فخلال زيارة له إلى مصر سنة 832 م (217هـ) حاول تعلم الهيروغليفية القديمة و تمكن من دخول هرم الجيزة الأكبر ليجد القبر الملكي فارغا قد نهبه اللصوص
المصدر:الموسوعة الشاملة – الأعلام للزركلي
الجمعية المصرية لعلوم وابحاث الاهرام والاعلام الصحي

قام العالم الفلكي العربي المصري محمود باشا الفلكي (وهو واحد من أشهر من أنجبتهم مصر من العلماء في القرن التاسع عشرالمتوفي سنة 1303هـ/1885م ) بإجراء قياسات وأرصاد دقيقة فلكية على الهرم الأكبر (خوفو) وبين أن هناك علاقة أكيدة بين هرم خوفو ومجموعة أهرامات الجيزة بوجه عام وبين نجم (الشعرى اليمانية) التي دعاها قدماء المصريين نجم (سيبدت) وسامي زمن البطلميين اليونان (سوتيس) وزمن الرومان باسم (سيروس)، واعتبر بحث العالم الفلكي محمود باشا ميلاد علم جديد هو علم الفلك الأثري ونشر لأول مرة عام 1863م ضمن أبحاث الأكاديمية الملكية البلجيكية تحت عنوان (عمر الأهرام والغرض من بنائه كما يقرأان على نجم (الشعرى اليمانية) وترجم الكثير حفيده السيد محمود صالح الفلكي بعنوان (الظاهرة الفلكية المرتبطة ببناء الهرم) لاحظ محمود باشا الفلكي أن زاوية ميل واجهات الهرم تبلغ /52.5/ زاوية وهذه الزاوية نفسها مستخدمة في جميع الأهرامات لا يمكن أن يكون مجرد توافق يُعزى إلى الصدفة بل لا بد من أن تكون ثمة علاقة بنيها وبين ظاهرة فلكية ما،وعلى ما يظهر فإن معرفة قدماء المصريين للنجوم وتسمياتها وحركاتها كانت عظيمة جداً ودقيقة أيضاً بسبب صفاء جو مصر وسمائها طيلة أيام السنة تقريباً وهذا الوضع جعل المصري يفكر ويحدّق في النجوم المتلألئة طيلة الليل، بالتالي ارتباط مواعيد هذه النجوم بالعبادة والأعياد ومواسم تقديم القرابين وفيضان نهر النيل وموسم الحصاد والبذار
و قدر محمود الفلكي عمر أهرامات الجيزة في ضوء علم الفلك الى 33 قرن قبل الميلاد

المصدر
الهرم الأكبر ( هرم خوفو ) وألغازه الكونية لعبود قرة صفحة 81
L’age et le but des pyramides lus dans Sirius ـMahmoud-Bey – XIXe


قدم علماء المسلمين العديد من الإسهامات في علم الآثار،وخاصتا في كشف أسرار الحضارة المصرية القديمة (علم المصريات) ،ومحاولة فك رموز اللغة الهيروغليفية، حيث يؤكد الدكتور علي خشيم في كتابه “العرب والهيروغرافية” أن العرب المسلمين كانوا على معرفة بأغلب حروف الكتابة الهيروغليفية وكان بينهم من يعرف قراءة هذه اللغة ونصوصها المنقوشة على المعابد المصرية القديمة، وذلك قبل أن يقوم الفرنسي شامبليون بفك رموز الهيروغليفية في القرن 19 م (1822م) ، ويكشف خشيم أن كتاب “شوق المستهام” لابن وحشية المتوفي 318هـ/930م من أهم ما استعان به الفرنسي شامبليون لفك رموز الكتابة المصرية القديمة، حيث كشف ابن وحشية عن معرفة واسعة بالكتابة التصويرية المصرية، وأورد رسماً للعديد من حروف الهيروغليفية مع إشارات لمعانيها لا تبتعد كثيراً عما انتهى إليه علماء اللغات المصرية القديمة
ألف كتاب شوق المستهام في معرفة رموز الاقلام يرجع تأليفه في يوم الخميس الثّالث شهر رمضان المبارك سنة (241 هـ) 855م و هو كتاب يتناول 89 لغة قديمة وكتاباتها ومقارنتها بالعربية.
إستطاع بمساعدة ذو النون المصري بصورة جزئية فهم طبيعة اللغة الهيروغليفية ومعرفة بعض ما كتب بها ويعتبرأول من اكتشف أن الرموز الهيرغليفية هي عبارة عن رموز صوتية. قبل العالم الفرنسي شامبوليون سنة 1822م. وربما كان قد اطلع على هذى الكتاب والمترجم إلى لإنجليزية والمنشورفي لندن عام 1806 أي 16 عاما قبل اكتشاف شامبوليون.
المصدر:
هل استعان شامبليون بابن وحشية لتفكيك للغة المصرية القديمة :موقع مدونات الجزيرة
ابن وحشية – ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.