وضعية الرق في العالم الاسلامي كما وصفها غوستاف لوبون في كتاب حضارة العرب
ﺗﺜيرﻛﻠﻤﺔ “اﻟﺮﱢق” ﰲ ﻧﻔﺲ اﻷورﺑﻲ ،اﻟﻘﺎرئ ﻟﻠﻘﺼﺺ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛين ﺳﻨﺔ ﺻﻮرة أﻧﺎس ﻳﺎﺋﺴين مُقرّنين في الاصفاد مقودين بالسياط ، ردﻳﺌﻲ اﻟﻐﺬاء، ﻣﻘﻴﻤين ﺑﻤﻈﻠﻢ المحابس
وﻻ أﺑﺤﺚ ﻫﻨﺎ ﰲ ﺻﺤﺔ ﺻﻮرة اﻟﺮق ﻫﺬه ﻋﻨﺪ اﻷﻧﻐﻠﻮ أﻣﺮﻳﻜﻴين ﻣﻨﺬ ﺑﻀﻊ ﺳﻨين، ِوﻻ ﰲﺻﺤﺔ ﺗﻔﻜير ﺻﺎﺣﺐ رقيقٍ ﰲإﻳﺬاء ﻣﺎلٍ غالٍ رﻗﻴﻖ ﻛﺎﻟﺰﻧﺠﻲ واﻟﻘﻀﺎءﻋﻠﻴﻪ، وإﻧﻤﺎ اﻟﺬي أراه صدقًا هو أن الرق عند المسلمين غيرُه ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺼﺎرى ﻓﻴﻤﺎ مﴣ، وأن ﺣﺎل اﻷرﻗﺎء ﰲ اﻟﴩق أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺣﺎل اﻟﺨﺪم ﰲ أورﺑﺔ، ﻓﺎﻷرﻗﺎء ﰲ اﻟﴩق ﻳﺆﻟﱢﻔﻮن ﺟﺰءًًا ﻣﻦ اﻷسر،وﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺰواج ﺑﺒﻨﺎت ﺳﺎدﺗﻬﻢ أﺣﻴﺎنا كما رأينا سابقا، ويقدرون ان يَتَسَنّموا أعلى الرتب، و في الشرق لا يرون في الرق عاراً ،و الرقيق فيه أكثر صلة بسيده من صلة الاجير في بلادنا.
قال مسيو أبو”لا يكاد المسلمون ينظرون الى الرق بين الاحتقار، فامهات سلاطين أل عثمان، وهم زعماء الاسلام المحترمون،من الإماء، و لا يرون في ذلك ما يحط من قدرهم، وكنت أسرالمماللك الذين ملكوا مصرزمنا طويلا تلجأ، لِتَدُوم، الى اشتراء صغارالموالي من القفقاش وتتبناهم في سن البلوغ، وليس من القليل ان يُرَبي أمير مصري أحد صغارالارقاء، و يعلمه و يدربه،و يزوجه إبنته،ويفوض إليه إدارة شؤونه،وترى في القاهرة أكابر من الوزراء و القادة و القضاة إشتُري. الواحد منهم في شبايه بما لا يزيد على ألف و خمسمائة فرنك”
و اعترف جميع السياح الذين درسوا الرق في الشرق درساً جديًا بان الضجة المُغرضة التي أحدشها حوله بعض الأوربيين لا تقوم على أساس صحيح، و أحسن دليل يقال تأييدًا لهذا هو أن الموالي الذين يرغبون في التحرر بمصر ينالونه بإبداء رغبتهم فيه أمام أحد القضاة،وأنهم لا يلجأون الى حقهم هذا، قال مسيو إيبر مشيرا الى ذلك:” يجب عَدُ الرقيق في بلاد الاسلام مبخوتا على قدر الامكان.”
ومن السهل أن أكثر من إقتباس الشواهد على صحة ذلك، و لكننيأكتفي بذكر الأثر الذى أوجبه الرق في الشرق في نفوس المؤلفين الذين أتيح لهم درسه في مصر حديثا، قال مسيو شارم”يَبدو الرق في مصر أمرا لينا هينل نافعا منتجا، و يعد الغاؤه فيها مصيبة حقيقية، ففي اليوم الذين لا يستطيع وحوش إفرقية الوسطى أن يبيعوغ فيه أسرى الحرب، و لا يَرَون فيه إطعامهم، لا يُحجِمون عن أكلهم، فالرق، و إن كان لطخة جبين الانسانية،أفضل من قتل الاسرى و اكل لحومهم اذا ما نظر اليه من وجهة نظر هؤلاء الاسرى، و ذلك على الرغم من رأي محبي الإنسانية من الإنكليز الذين يقولون :إنه أجدر بكرامة الزنوج أن ياكلهم أمثالهم من أن يسودهم أجنبي”
و قال مدير مدرسة اللغات في القاهرة مسيو دو فوجانى: ترى الارقاء الذين يستفيدون من الحرية الممنوحة لهم قليلين الى الغاية مع أن هذه الحرية تسمج لهم بأن يعيشوا كما يشاءون من غير إزعاج ،فالارقاء يفضلون حال الرق السالم من الجور على حال القلق الذي يكون مصدر آلام و متاعب لهم في الغالب .
و ترى الارقاء في مصر أحسن حالل مما كانوا عليه قبل إاسترقاقهم بدلا من ان يكونوا من البائسين المناكيد، وﺑﻠﻎ اﻟﻜﺜيرون ﻣﻨﻬﻢ، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺒﻴﺾ، أرﻗﻰ المناﺻﺐ في مصر ُ،و يعد ابن الأمة في مصر مساويا لابن الزوجة في الحقوق، و اذا كان ابن الامة هذا بكر أبيه تمتع بكل ماتمنحه البكرية من الامتيازات، ولم تكن من غير الارقاء زمرة المماليك التي مكت مصر زمنا طولا،وفي أسواق النخاس إشتري علي بك وإبراهيم بك و مراد بك الجبار الذي هزم في معركة الاهرام، وليس من النادر أن ترى اليوم قائدا أو موظفا كبيرا في مصر م يكن في شبابه غير رقيق، و ليس من النادر أن ترى رجلا في مصر كان سيده المصري قد تبناه وأحسن تعليمه و زوجه إبنته”
وليست مصر القطر لوحيد اذي يعامل فيه الارقاء برفق عظيم. أي أن ماتراه في مصر ترى مثله في كل بلد خاضع الإسلام، و اسنع ماقالته السيدة اانكليزية بلنت في كتاب رحلتها في بلاد نجد ذاكرة محادثتها لعربي:
“إن مما لم يستطع أن يفهمه ذلك العربي هو وجود نفع للإنكليز في تقيد تجارة الرقيق في كل مكان،و لم قلت له إن مصلحة الانسانية إقتضت ذلك ” أاجابني “ان تجارة الرقيق لا تنطوي على جور، ومن ذا الذي رأى إيذاءزنجي؟”والحق أننا لا نزعم أننا رأينا ذلك، ومن الامور المشهورة ان الارقاء عند العرب يكونون من الابناء المدللين أكثر من ان كونوا من الاجراء.
المصدر
صفحة 386 الى 389من كتاب حضارة العرب لطبيب ومؤرخ فرنسي.غوستاف لوبون صاحب كتاب المشهور«سيكولوجية الجماهير»
اترك تعليقًا