التعصب من القيم السلبية في المجتمعات التي تؤدي لهدم المجتمعات السليمة إذا انتشر فبه،وقبل تحدث على التعصب يحب تفريقه عن التميز العنصري
فالتعصب شعور داخلي يجعل الانسان يرى نفسه على حق و الاخر على باطل و يظهر هذا الشعور في صورة ممارسات و مواقف تجاه الاخر تؤدي الى عدم الاعتراف بحقوقه
اما التميز فهو التفرقة ببن الافراد او الاضرار بهم او تجاهلهن او استبعادهم بسبب لونهم او جنسهم او دينهم او عرقهن او رايهم . و يؤدي ذلك الى عدم حصولهم على حقوقهم
و يرتبط التميز بالتعصب، فعندما يشعر اللنسان على حق ،و بان الاخر على باطل ،فإنه يحرمه من حقوقه
و قد دعى الاسلام الى إحترام كرامة الانسان و نبذ التميز العنصري فقد خلق الله الناس جميعا من أصل واحد و حث الإسلام على المساوات و نبد التميز و جعل التقوى و العمل الصالح هو أساس التفاضل بين الناس
حيث قال رسولُ اللهِ “صـلى اللهُ عليهِ و سلـم ” : ( لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى )
فلا مجال في الإسلام للمناصب ولا مجال في الإسلام للعصبيات الجاهلية العفنة المنتنة ولا مجال في الإسلام لعصبية العرق والنسب ولا لعصبية الأرض والموطن ولا لعصبية الوطن ولا اللهجه ولا لعصبية الجنس ونوعه ولا لعصبية اللون من ابيض او اسود او احمر ولا لعصبية اللغة ولا اللسان وهذا الأساس كان القرآن قد وضعه قاعدة لبناء المجتمع الإسلامي من قبل مئات السنين قبل أن تتغنى الدول التي تتدعي الديمقراطية بهذا المبدأ
أهم أنواع التعصب
التعصب على أساس عرقي او قبلي عند العرب
صحيح أن المرء ما كان يجد الأمن والاستقرار إلا في رحاب القبيلة، فهي البنية الاجتماعية المعتبرة، في صحراء ينعدم فيها النظام والعدل، والسلطة التي تحفظ الأمن.إلا أن هذا لا يعتبر مبرراً كافياً،ليلغي الفرد عقله ويسير حسب هوى القبيلة، وجبروتها
لقد استفاد الاسلام من رابطة القبيلة في نشر الدعوة، واستخدمها مظلة واقية ضد ميزان المجتمع المتعصب… (إن الإفادة من الرابطة القبلية وصلة القربى لمصلحة الإسلام شئ، والخضوع لهذه الرابطة المنحرفة الظالمة شئ آخر).
ومثّل الإسلام نقلة جديدة في حياة العرب السياسية. فمن خلال الدعوة المحمدية تأسس أول مجتمع قائم على أسس غير قبلية، وهو مجتمع المدينة المنورة، ثم توسع ليضم مجمل جزيرة العرب في اتحاد قبلي قائم على دفع القبائل الزكاة أو الجزية، مع الاعتراف بسلطة المدينة.
و بدأ بغرس ربطة الدين، ووشيجة العقيدة، وهى أساس كل تغيير.
“إن الوشيجة التي يتجمع عليها الناس في هذا الدين، ليست وشيجة الدم والنسب، وليست وشيجة الأرض والوطن، وليست وشيجة القوم والعشيرة، وليست وشيجة اللون واللغة ولا الجنس والعنصر، ولا الحرفة والطبقة إنها وشيجة العقيدة”.
قال صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية)
ومع الاسف فالعصبية راسخة الجذور عادت من جديد ، عندما كان وازع العقيدة ضعيفاً… وبذور الإيمان لم تزدهر بعد… والتربية القرآنية لم تلامس بعض القلوب… وذلك في مظاهر متعددة برزت في:
حروب الردة وهي محاولات للعودةٌ حقيقيَّةٌ إلى النظام القبلي الذي كان سائدًا في الجاهليَّة
صراعات القيسية واليمنية خلال الفتوحات
ذكر الباحث في التاريخ الإسلامي حسن حافظ لرصيف22 أن العرب قُسمت وفق ثنائية عرب الشمال “العدنانية” أو القيسية، وتضم قبائل مضر وربيعة، وعرب الجنوب “القحطانية” أو اليمنية وأشهر قبائلها بني كلب وبني لخم. وعلى أساس هذا التقسيم قامت التحالفات، ودارت الصراعات في فترات عديدة من التاريخ الإسلامي ،وفي الاندلس ستنفذ كثير من طاقات المسلمين، إستغله الصليبيين في توسعاتهم، وكان ذلك من أوائل عوامل ضعف المسلمين
الصراع بين العرب والموالي
تعرض الموالي لظلم وللعنصرية من طرف الاموين ،ولذلك كان الموالي ينتهزون الفرص للعمل على إضعاف الدولة الاموية، فانظموا الى كل خارج على هذه الدولة،
وكان يقابل هذه العصبية العربية عصبية أخرى، من الموالي، وخاصة الفرس.
لم تكن عند الفرس نزعة قبلية، ولم يكونوا يعنون بالأنساب عناية العرب بها، وإنما كانوا يتعصبون أحيانًا للبلدان؛ فقد كان أهل خراسان مثلًا من أشد الناس عصبية بعضهم لبعض. وكانت العصبية القوية عندهم العصبية للأمة. وذلك طبيعي؛ لأنهم قطعوا من عهد بعيد طور البداوة، وتحضروا، وكانوا أمة بكل معناها الصحيح، وبدأوا يفخرون على العرب في العهد الأموي
العصبية بين العرب والبربر
وتكرّر في المغرب ماحدث في المشرق من السلوك المتعصب اتجاه غير العرب. بالرغم من أن دخول البربر في الإسلام كان عنصر قوة في بداية عهدهم بالإسلام، حيث كان لهم الفضل في فتح الأندلس مع المسلمين العرب، إلا أن النزاعات ما لبثت أن إشتعلت بين البربر والعرب، ولم تهدأ طول فترة حكم المسلمين للأندلس، مما كان له أكبر الأثر في إضعاف المسلمين
التعصب مبني على اللون
عرفت الدولة العباسية ثورة الزنج مابين (255 – 270هـ / 869 – 883م) ،و تمركزت حول مدينة البصرة، جنوب العراق اليوم، وامتدت لأكثر من 14 عاما (869 – 883م) قبل أن تنجح الدولة العباسية في هزيمتها، ويعتقد أن الحركة بدأت بزنوج من شرق افريقيا استعبدوا وجيء بهم إلى تلك المنطقة، وامتدت لتضم العديد من المستعبدين والأحرار في مناطق عدة من الإمبراطورية الإسلامية. وهددت الدولة العباسية حتى جندت كل إمكاناتها لتسحقها، فكانت أطول ثورات العصر العباسي وأخطرها.
أما الدافع الرئيسي فهو ظروف القاسية والسيئة التي كان يعيشها العبيد من خلال عملهم في تجفيف المستنقعات وإزالة السباخ عن الأراضي، ثم نقل الملح إلى حيث يعرض ويباع، لقاء وجبة طعام، وخصوصا أن كثيرا من أصحاب الأراضي لم يتعاملوا وفق ضوابط الشرع الإسلامي الذي بيّن حقوق الرقيق في الإسلام من حسن المعاملة وعدم الضرب وحتى العتق، وعلى رأسها قول النبي صلى الله عليه وسلم: “هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ”.
التعصب القومي
التعصب القومي ينطبق على الذين يتعصبون لقوميتهم ويبذلون كل ما في وسعهم في سبيل نصرتها ولو كانت على باطل غير ابهين بما يترتب على عملهم التعصبي هذا من مخالفة الشرع الحكيم والشرعية الدولية والاعراف الاجتماعية وبعبارة اخرى ( التعصب القومي العنصري ) هو ان يفضل المرء امته على الامم الاخرى بشكل يعتقد انه يجب ان تبقى الامم الاخرى تابعة لامته وتحت سيطرتها كما يعتقد ان لامته ان تحتل ارض تلك الامم و تسخرها وتستغلها حسب مصالحها ويعد امته شعب الله المختار !!
هذا النوع من التعصب هو أحد أهم أسباب سقوط الدولة العثمانية
لقد إستوعبت الإمبراطورية العثمانية عبر تاريخها قوميات كثيرة وطوائف دينية عديدة، وكانت هذه الطوائف والعرقيات تعيش في وئام وتعاون،ويعترف مؤرخون أوربيون بأن الأقليات الخاضعة للدولة العثمانية كانت تتمتع بحقوق أكثر من تلك الأقليات التي كانت تعيش في الممالك الأوروبية كفرنسا وإمبراطورية الهابسبرغ في النمسا.واستمرت الأحوال على هذا المنوال حتى أواخر القرن التاسع عشر، بل وحتى أواخر العقد الأول من القرن العشرين، إلا أن ظهور الفكر القومي العلماني عند النخب الفكرية والسياسية والمالية و العسكرية داخل الدولة العثمانية، ونجاح جمعيته المتمثلة في الاتحاد والترقي في تغيير الدستور وتغيير نظام الدولة الى ان وصلت سيطرته في عام 1909 إلى خلع السلطان عبد الحميد الثاني، واضطهاد للاقليات كالعرب في بلاد الشام و الارمن، وحملات التتريك الإجباري للجنسيات غير التركية كالشركس والأكراد ، أدت الى تأجيج العداء و تفتيت الدولة العثمانية
القومية العربية
في مقابل سياسة جمعية الاتحاد والترقي القمعية للعرب ظهرت القومية العربية التي تؤمن ان الشعب العربي شعب واحد تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا
هذه الدعوة إلى القومية العربية تفرق بين المسلمين، وتفصل المسلم العجمي عن أخيه العربي، وتفرق بين العرب أنفسهم؛لأنهم كلهم ليسوا يرتضونها، وإنما يرضاها منهم قوم دون قوم، وكل فكرة تقسم المسلمين وتجعلهم أحزابا فكرة باطلة، تخالف مقاصد الإسلام وما يرمي إليه؛ وذلك لأنه يدعو إلى الاجتماع والوئام، والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى
التعصب الديني او المذهبي
للتعصب الديني
احد أسباب تخلف المسلمين عجزهم التصدي للتعصب المسيحيين لدينهم ،و الذي اقترن بالدموية والوحشية المفرطة، حتى صار سمة مميزة لهم ،مما ادى الى ابادة و طرد المسلمين من الاندلس التي كانت نموذجا للتعايش السلمي والتسامح الثقافي بين أبناء الرسالات السماوية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية
هذا نوع من التعصب موجود في كل الديانات الا ان تبني الدولة له يعد أخطر بكثيرمن الجماعات الدينية المتطرفة.
التعصب المذهبي.
ترك آثاراً وخيمة على كل مكونات الأمة الإسلامية؛ بحيث أصاب شرره وضرره كل شرائح المجتمع المسلم وطبقاته وفئاته.
لقد كان الاختلاف موجودًا على عهد السَّلف الصحابة – رضي الله عنهم – ومَن بعدهم ومع ذلك لم يكن مَدْعاة للتعصُّب ولا للتباغض، وكان غرَضُهم في اجتهادهم إصابة الحقِّ واختيار الأفضل، ولذا كان بعضُهم يعذر الآخَر فيما اختلف فيه، ولا ينتقص له رأيًا.
وفي القرن الرَّابع الهجري وما بعده بدأ التَّقليد والتعصُّب يكثران بين العلماء، واشتدَّ الجدَل والخلاف في علم الفقه وغيره من العلوم الأخرى، وبدأت حركة الاجتهاد والاستنباط تَضْعف، إلى أن وصلَتْ في عصور متأخِّرة إلى الجمود والتوقُّف
ومن جنايات التعصب المذهبي على المجتمعات:
الانعزال في أحياء سكنية خاصة
المنع من الجماعات
حرق المؤلفات العلمية فقدحدثت في تاريخنا الإسلامي عدة وقائع أُحرقت فيها كتب المخالفين تعصبا عليهم وانتصارا للمذهب
انقسام المساجد ، ففي ما بين سنة 442 و497هـ بني في المسجد الحرام لكل مذهب مقام ، يصلي أهل كل مذهب في مقامهم ،وقد بقيت هذه البدعة زمنا طويلا حتى قامت الدولة السعودية الأولى
التعصب الإيديولوجي السياسي
التعصب الإيديولوجي السياسي هو نوعاً من التعصب لتصور معين للعالم والحياة والعلاقات الاجتماعية وللفرد وللقيم. والشخص المؤدلج لا يؤمن إلا بآيديولوجيته وما عداها لا معنى له، لذلك اتفق على اعتبار الآيديولوجيا مولدة للعنف والتشدد. وهو ما يفسر لنّا التناحر الفكري والسياسي بين أصحاب الآيديولوجيات المختلفة،كالإسلاميين والماركسيين والقوميين. والتي اصبح فيها الاقصاء حل، بدل من النّقاش والحوار ومقارعة الحجة بالحجة وكشف الأوراق، وجعل كل طرف يدافع عن رؤيته للتغيير الاجتماعي والتقدم والتنمية.
فكل دعوات الكراهية والحقد والانتقام تسهم في تمزيق النسيج الاجتماعي ، وتتنافى مع النموذج الإنساني الذي قدمه الدين الاسلامي، والذي يقوم على مبادئ الكرامة والعدالة والحرية والشورى والإخاء، داعية الى الابتعاد عن إثارة الفتن والنعرات والعصبيات الجاهلية على حد وصفها بين أفراد المجتمع ، وقد عانت الامة الاسلامية ومازالت تعاني من هاذا النوع من التعصب.
التعصب الترفيهي
– إظهار مستويات عالية من الشدة والحماس والالتزام والحماس تظهر لنشاط ترفيهي معين كتعصب لفريق كرة القدم
و المجتمع الاسلامي شأنه كسائر المجتمعات القديمة أو الحديثة مر بكل هده الأنواع من التعصبات أدت إلى تخلفه تدريجيا
اترك تعليقًا