المعجم التاريخي للغة العربية مشروع نهضة لغوية

من بين أصناف المعاجم المتنوّعة، كالمعاجم المتخصّصة ومعاجم الاستشهادات والمعاجم المزدوجة، يبرز نوع مخصوص وإستثنائي، هو المعجم التاريخي الذي لا يكتفي بإعطاء دلالة محدّدة للكلمة بل يذهب أبعد من ذلك حين يعيد كتابة قصة دلالات الكلمة وعبورها في الزمن.
لا شكّ أن الثقافة العربية من بين الثقافات التي لها تجربة غنية في صناعة المعاجم، يشهد على ذلك تراثها، إلا أنها بقيت تفتقد “الجوهرة” الأساسية في تاجها، أي معجماً تاريخياً يعيد تركيب سيرتها وصورتها في أذهان مستعمليها ودارسيها، وهو المشروع الذي أطلقه “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” في 2013،وبعد ما يناهز الخمس سنوات تم إطلاق بوابة إلكترونية خاصة به، في 11 ديسمبر 2018 من طرف أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني
ويعد خبراء اللغة العربية هذا الحدث مفصليا في تاريخ المعاجم العربية وربما العالمية، بالنظر إلى تاريخ اللغة العربية الطويل وعراقتها وصعوبة إعداد معجم يؤرخ لألفاظها وتأكيد التواريخ والتحقق من المصادر.
وينفرد المعجم التاريخي برصد ألفاظ اللغة العربية منذ بدايات استعمالها في النقوش والنصوص، وما طرأ عليها من تغيرات في مبانيها ومعانيها داخل سياقاتها النصية، متتبعا الخط الزمني لهذا التطور، وبالنظر لتاريخ اللغة العربية الطويل وضخامة حجم نصوصها يجري إنجاز المعجم على مراحل.
وستعرض مواد المرحلة الأولى الممتدة من أقدم نص عربي موثق إلى نصوص العام 200 للهجرة، والمتضمنة زهاء 100 ألف مدخل معجمي عبر بوابة إلكترونية متطورة تقدم أنواعا عدة من الخدمات اللغوية والمعجمية والإحصائية غير المسبوقة.
وشارك في بناء المعجم المستند إلى أكبر مدونة للغة العربية ومن دون العودة لأي قاموس قائم قرابة 300 من أساتذة الجامعات والخبراء والعلماء في عدد من الدول العربية، من الأردن والإمارات وتونس والجزائر والسعودية وسوريا والعراق وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن.
شكَّل معجم الدوحة التاريخي للغة العربية نقطة تحول كبرى في مسار نهضة المعاجم العربية،
، إذ لا يتردد الأكاديمي واللغوي المغربي عز الدين البوشيخي (المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية). في القول إن إنجازه “سيحقِّق نهضة لغوية شاملة ليس لها مثيل
ويرى البوشيخي أن أهم هدف يمكن أن يُحقّقه المعجم هو “تمكين الأمّة من فهم لغتها في تطوّراتها الدّلاليّة على مدى أكثر من عشرين قرنا. وبذلك ييسّر تحصيل الفهم الصّحيح لتراثها الفكريّ والعلميّ والحضاريّ، بإدراك دلالة كلّ لفظٍ حسب سياقه التّاريخي. ويتحقّق وصل حاضرها بماضيها في المستويات اللّغوية والفكريّة والعلميّة
و يضيف البوشيخي
يحظى مشروع معجم الدوحة التاريخي للغة العربية باهتمام واسع من الدوائر العلمية الغربية قبل العربية. فاللغة العربية أطول اللغات العالمية الحية وجودا في التاريخ، وتُشكل مصدرا مهما من مصادر فهم اللغات السامية والعلاقات القائمة بين اللغات
المصادر
معجم الدوحة التاريخي.. العد التنازلي لحدث لغوي مفصلي موقع الجزيرة
البوشيخي: معجم الدوحة التاريخي سيحقِّق نهضة لغوية موقع الجزيرة
المعجم التاريخي.. صناعة ثقافية ثقيلة – العربي الجديد
اترك تعليقًا