كان الفهم الواعى لأساسيات علم الصوت يساعد علماء المسلمين كثيراً على تطوير تقنية الهندسة الصوتية واستخدامها فيما يعرف الآن باسم “الصوتيات المعمارية ” فقد عرفوا أن الصوت ينعكس عن السطوح المقعرة ويتجمع فى بؤرة محددة ،شأنه فى ذلك شأن الضوء ينعكس عن سطوح مرآة مقعرة ،وإذا أجرى حساب دقيق لهندسة السطوح المقعرة فإنه يصبح بالإمكان تسليط الأمواج الصوتية المنعكسة وتركيزها فى اتجاهات معينة بحيث تزيد من وضوح الصوت وشدته .أما إذا لم تراع الحسابات الدقيقة لأماكن وأبعاد السطوح المقعرة بالنسبة لأماكن إصدار الصوت واستقباله فإنه ينتج عن ذلك “تشويش ” لدى السامع
وقد استخدم المهندسون المسلمون خاصية تركيز الصوت فى أغراض البناء والتشييد ،وخاصة المساجد الجامعة الكبيرة لنقل وتقوية صوت الخطيب والإمام فى أيام الجمعة والأعياد ، مثال ذلك مسجد أصفهان القديم ومسجد العادلية فى حلب وبعض مساجد بغداد القديمة ،حيث كان يصمم سقف المسجد وأركانه بطريقة دقيقة تضمن توزيع الصوت بانتظام على جميع الأرجاء ،وتبقى هذه المآثر الإسلامية خير مشاهد على ريادة علماء الحضارة الإسلامية فى مجال هندسة الصوتيات التى ظلت اختصاصاً إسلامياً لعدة قرون ،وذلك قبل أن يبدأ العالم الشهير “والاس ك . سباين ” حوالى عام 1900 م فى دراسة أسباب سوء الصفات الصوتية لقاعة محاضرات فى جامعة “هارفارد ” الأميريكية ،وتتبع سلوك الخواص الصوتية للقاعات وحجرات عزف الموسيقى
المصدر
علوم أخرى منسية في تراث المسلمين بقلم د. أحمد فؤاد باشا
اترك تعليقًا