
صنع العرب قلم الحبرذو الخزان منذ أكثر من ألف سنة، حيث قال القاضي: النعمان بن محمد رضي الله عنه المتوفي سنة 363 هـ = 977م
ذكر الإمام المعز لدين الله (الخليفة الفاطمي المتوفى سنة 365 هـ = 975م)… القلم، فوصف فضله ورمز فيه بباطن العلم ثم قال: نريد أن نعمل قلما يُكتب به بلا استمداد من دواة، يكون مداده من داخله، فمتى شاء الإنسان كتب به فأمدّه وكتب بذلك ما شاء، ومتى شاء تركه، فارتفع المداد، وكان القلم ناشفا منه، يجعله الكاتب في كمّه أو حيث شاء فلا يؤثّر فيه ولا يرشح شيء من المداد عنه، ولا يكون ذلك إلاّ عندما يبتغي منه ويراد الكتابة به، فيكون آلة عجيبة لم نعلم أنّا سُبقنا إليها، ودليلا على حكمة بالغة لمن تأمّلها وعرف وجه المعنى فيها. فقلت: ويكون هذا يا مولانا؟. قال: يكون إن شاء الله
فما مرّ بعد ذلك إلاّ أيّام قلائل حتّى جاء الصانع، الذي وصف له الصنعة، به معمولا من ذهب، فأودعه المِداد وكتب به فكتب، وزاد شيئا من المداد على مقدار الحاجة. فأمر بإصلاح شيء منه، فأصلحه وجاء به فإذا هو قلم يُقلب في اليد ويميل إلى كلّ ناحية فلا يبدو منه شيء من المداد. فإذا أخذه الكاتب وكتب به كتب أحسن كتاب ما شاء أن يكتب به، ثمّ رفعه عن الكتاب أمسك المِداد. فرأيت صنعة عجيبة لم أكن أظنّ أنّي أرى مثلها، وتبيّن لي فيه مثـَلٌ حسن في أنّه لا يسمح بما عنده إلاّ عند طلب ذاك منه، وفيما يعود بالنفع ممّا جُعِلَ سببا له، لا يجود لغير مبتغ ولا يُخرج ما فيه إلاّ لمن يجب إخراجُ ذلك له لمن يحب، ولا يخرِج منه ما يضرّ فيلطخ يد من يمسكه أو ثوبه أو ما لصق به، فهو نفع ولا ضرر، وجواد لمن سأل، وممسك عمن لم يسأل، ومستغن بما فيه عن غيره أن يستمد منه
حلو مقالك ياريت تدعمني
إعجابLiked by 1 person