الرحالات البحرية بين المغرب و الصين في القرن التاسع ميلادي

يذكر الاستاد الباحث تركي فؤاد سزكين المتخصص في التراث العلمي العربي والإسلامي في كتاب مكتشف الكنز المفقود، أن المسلمين كانوا يتجولون بأريحية تامة في ربوع افرقيا عن طريق شمال إفريقيا ومصر، وبإختصار كانوا يتعرفون إلى قارات العالم القديم الثلاث بشكل أكثر سهولة ويسرا، ولأنهم كانوا على اتصال قريب كذلك بالمحيط الأطلسي، فقد كانوا يسيرون القوافل التجارية البحرية بين مدينة “ماسة” المغربية والصين في القرن التاسع الميلادي، وكان التُجّار المسلمون يعرفون الصين جيدًا؛ إذ إن الأسفار التى كانوا يخرجون فيها برا الى تلك الاراضي كانت تتمتع بماض عريق موغل في القدم،ولقد طاف البحارة المسلمون حول رأس الصالح أيضا قبل قرون من تاريخ إكتشافه من أجل الوصول الى الصين،ذلك أن نقل البضائع الى هذه الاراضي بحرا كان أربح بالنسبة لهم أكثر من نقلها برا
[١]
يذكر عدد من الجغرافيين العرب منهم الإدريسي أن ميناء ماسة كان في العصور الوسطى شاطئً مشهور،دفع البرتغاليون إلى إنشاء موقعًا تجاريًا متميزًا في هذه المدينة عام 1450م
كما صف القلقشندى في كتابه (صبح الأعشى) الذي انتهى من كتابته814هـ 1412م إتصال المحيط الأطلسي بالمحيط الهندي وصفًا دقيقًا يبيِّن معرفة المسلمين بهذه القضيَّة قبل فاسكو دي جاما ، فيقول عن المحيط الأطلسي:
إنه يأخذ في الامتداد من سواحل بلاد المغرب الأقصى من زقاق سبتة (أي مضيق جبل طارق)، الذي بين الأندلس وبَرّ العُدْوة إلى جهة الجنوب حتى يتجاوز صحراء لمتونة
(وهي بادية البربر)
ثم يستمرُّ في شرح الطريق البحري فيقول
ثم يعطف إلى جهة الشرق وراء جبال القمر التي منها منابع نيل مصر الآتي ذكرها، فيصير البحر المذكور جنوبيًّا عن الأرض ويمتدُّ شرقًا على أرض خراب وراء بلاد الزنج، ويمتد شرقًا وشمالاً حتى يتصل ببحر الصين والهند
[٢]

ويذكر المستشرق روسي كراتشوفيسكي أن ملاَّحًا عربيًّا قام بنفس رحلة فاسكو دي جاما سنة (1420م)، ولكن بالطريق العكسي، فخرج من ميناء في المحيط الهندي ودار حول إفريقيا، حتى وصل إلى موانئ المغرب في المحيط الأطلنطي، وكان ذلك قبل فاسكو دي جاما
[٣]
وقد ذكر فاسكو دي جاما في مذكِّراته أن الملاَّحين العرب الذين التقى بهم في رحلته كانوا يحملون بوصلات متطوِّرة لتوجيه السفن، وآلات رصدٍ، وخرائط بحريَّة، وأنه استعان بهم، وأرسل بعض خرائطهم إلى الملك مانويل، وأن ملاَّحًا مسلمًا اسمه (المعلم كانا) من مالندي هو الذي قاد سفينته من مالندي إلى كاليكوت بالهند، وفي مراجع أخرى أن الذي قاد سفينة دي جاما هو الملاح الجغرافي العربي ابن ماجد


المصادر
[١]
كتاب مكتشف الكنز المفقود فؤاد سزكين وجولة وثائقية في اختراعات المسلمين ملون تأليف عرفان يلماز صفحة 216
[٢]
القلقشندي: صبح الأعشى جزء الثالث صفحة 233
[٣]
كراتشوفسكي: تاريخ الأدب الجغرافي العربي جزء الثاني صفحة 563
اترك تعليقًا